للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "بل يجوز أن يستاك، ثم يدخل المسجد"، هذا غير صحيح، بل هو باطل؛ لمنابذته السنّة؛ إذ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "عند كلّ صلاة" واضح في ذلك، وهل كانت الصلاة إلا في المسجد؟ وقد كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يستاك في المسجد، ثم يصلّي، وهكذا كان الصحابة - رضي الله عنهم -، فقد صحّ عن زيد بن خالد الجهنيّ - رضي الله عنه - أنه كان يشهد الصلوات في المساجد، وسواكه على أذنه موضع القلم من أذن الكاتب، لا يقوم إلى الصلاة إلا استنّ، ثم ردّه إلى موضعه. أخرجه أبو داود، والترمذيّ، وكذلك غيره من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُوكهم خلف آذانهم، يستنّون بها لكلّ صلاة.

وبالجملة فقول من قال: لا يستاك في المسجد - كالقرطبيّ، قال في "المفهم": لا يستاك في المسجد؛ لأنه من باب إزالة القاذورات. انتهى - من الأقوال الساقطة التي لا ينبغي الالتفات إليها؛ إذ الحقّ أنه من باب التطهير والتطييب؛ لحديث عائشة - رضي الله عنها - عند النسائيّ وغيره، مردوعًا: "السواك مطهرة للفم، مرضاة للربّ".

وقد حقّقت هذا الموضوع في "شرح النسائيّ" (١)، وذكرت مسائل كثيرة مما يتعلّق ببحث السواك، فراجعها، تستفد علمًا جمًّا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السابعة): في بيان ما ذكره العلماء من الأحوال التي يُستحبّ لها السواك:

(اعلم): أن السواك مستحبّ في جميع الأحوال، إلا أنه يتأكّد استحبابه في بعض الحالات:

١ - (منها): عند القيام إلى الصلاة، سواء كانت فرضًا أو نفلًا، صلاها بوضوء، أو تيمّم، أو بغير طهارة، كمن لم يجد ماءً، ولا ترابًا، وصلّى على حسب حاله، ودليله قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لولا أن أشُقّ على أمتي .... "، وفيه: "عند كلّ صلاة"، متّفق عليه.

٢ - (ومنها): عند اصفرار الأسنان؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "السواك مَطْهَرة


(١) راجع شرح الحديث الخامس، ١/ ١٨٨ - ١٨٩.