للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والأكثرون، وأما إسحاق فلم يَصِحّ هذا المحكي عنه. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: ما ذهب إليه الجمهور من استحباب السواك، وعدم وجوبه هو الأرجح عندي؛ لظاهر حديث الباب، وأما الأحاديث الواردة بصيغة الأمر، فقد تُكلّم فيها، وعلى تقدير صحّتها، فتُحمل على الاستحباب الأكيد؛ جمعًا بين الأحاديث، وقد أشبعت الكلام في هذه المسألة في "شرح النسائيّ" (٢)، فراجعه، تستفد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): قال الحافظ العراقيّ رحمهُ اللهُ: استَدَلّ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مع كلّ وضوء" من ذهب إلى أن السواك من سنن الوضوء، وهو أحد الوجهين للشافعيّة، قال الرافعيّ: وهو الوجه، ولم يَعُدّه كثيرون من سننه، وإن كان مندوبًا في ابتدائه. انتهى (٣).

وقال العلامة شمس الحقّ رحمهُ اللهُ في "غاية المقصود" ما لفظه: وأحاديث الباب مع ما أخرجه مالك، وأحمد، والنسائيّ، وصححه ابن خزيمة، وذكره البخاريّ تعليقًا عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: "لولا أن أشقّ على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كلّ وضوء"، تدلّ على مشروعيّة السواك عند كلّ وضوء، وعند كلّ صلاة، فلا حاجة إلى تقدير العبارة، بأن يقال: أي عند كلّ وضوء لصلاة، كما قدّرها بعض الحنفيّة، بل في هذا ردّ للسنّة الصحيحة الصريحة، وهي السواك عند الصلاة، وعلّل بأنه لا ينبغي عمله في المساجد؛ لأنه من باب إزالة المستقذرات، وهذا التعليل مردودٌ؛ لأن الأحاديث دلّت على استحبابه عند كلّ صلاة، وهذا لا يقتضي أن لا يُعمل إلا في المساجد حتى يتمشّى هذا التعليل، بل يجوز أن يستاك، ثم يدخل المسجد للصلاة، كما روى الطبرانيّ في "معجمه" عن صالح بن أبي صالح، عن زيد بن خالد الجهنيّ، قال: "ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرُج من بيته لشيء من الصلوات حتى يستاك". انتهى.


(١) "شرح النوويّ" ٣/ ١٤٢.
(٢) ١/ ١٩٩ - ٢٠٣.
(٣) "طرح التثريب" ٢/ ٦٥.