للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال القرطبيّ رحمه الله: الشكور: الكثير الشكر، وهو من أبنية المبالغة، وأصل الشكر: الظهور، ومنه دابّة شَكورٌ: إذا كانت يظهر عليها من السِّمَن فوق ما تأكله من الْعَلَف، وأَشْكَرَ الضرعُ: إذا ظهر امتلاؤه باللبن، والسماء بالمطر، فكأن الشاكر يُظهر القيام بحقّ المنعِم، ولذلك قيل: الشكور هو الذي ظَهَر منه الاعتراف بالنعمة، والقيام بالخدمة، وملازمة الحرمة. انتهى (١).

(اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلَا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ، دَعَوْتُ بِهَا عَلَى قَوْمِي) قال القرطبيّ رحمه الله: يريد قوله: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: ٢٦] (٢). (نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ - صلى الله عليه وسلم -، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ نَبِيُّ الله، وَخَلِيلُهُ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ) قال القرطبيّ رحمه اللهُ: إبراهيم بالسريانيّة: هو الأب الرحيم، حكاه المفسّرون، و"الخليل": الصَّدِيق المخلص، و"الْخُلّة" بضم الخاء: الصداقة والمودّة، ويقال فيها أيضًا: خُلالة بالضمّ والفتح، والكسر، و"الْخَلّةُ" بفتح الخاء: الفقر والحاجة، و"الْخِلّة" بكسرها: واحدة خِلَل السيوف، وهي بطائن أغشيتها، و"الْخَلَلُ " الفُرْجة بين الشيئين، والجمع الخلال.

واختُلف في الخليل اسم إبراهيم عليه السلام: من أيّ هذه المعاني، والألفاظ أُخذ؟ فقيل: إنه مأخوذ من الْخُلّة بمعنى: الصداقة، وذلك أنه صَدَقَ في محبّة الله تعالى، وأخلص فيها حتى آثر محبّته على كلّ محبوباته، فبذل ماله للضيفان، وولده للقُربان، وجسده للنيران، وقيل: من الْخَلَّة التي بمعنى الفقر والحاجة، وذلك أنه افتقر إلى الله تعالى في حوائجه، ولجأ إليه في فاقته حتى لم يلتفت إلى غيره، بحيث آلت حاله إلى أن قال له جبريل، وهو في الهواء حين رُمي في المنجنيق: ألك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا (٣)، وقيل: من الخلل بمعنى الْفُرْجة بين الشيئين، وذلك لِمَا تخلّل قلبه من معرفة الله تعالى، ومحبّته ومراقبته حتى كأنه مُزجت أجزاء قلبه بذلك، وقد أشار إلى هذا المعنى بعض الشعراء، فقال [من الخفيف]:


(١) "المفهم" ١/ ٤٢٨.
(٢) "المفهم" ١/ ٤٢٩.
(٣) تقدّم أن هذا حديث ضعيف.