للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

و"نفسي" الثانية تأكيد عليهما، وأعربهما بعضهم بأنهما مبتدأ وخبر، من باب "شِعْري شِعْري"؛ للمبالغة، ويؤيّد الأولى تكرير "نفسي" في بعض الروايات ثلاث مرّات، والله تعالى أعلم.

(اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي) وفي بعض النسخ بإسقاط هذه الجملة (اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ، فَيَأْتُونَ نُوحًا، فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ، أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى الْأَرْضِ) استُشكل هذاَ بأن آدم عليه السلام كان نبيًّا، وبالضرورة يُعلم أنه كان على شريعة من العبادة، وأن أولاده أخذوا ذلك منه، فعلى هذا فهو رسول إليهم، فيكون هو أول رسول.

وأجيب بأنه يحتمل أن تكون الأوليّة في قولى أهل الموقف لنوح عليه السلام مقيّدةً بقولهم: إلى أهل الأرض؛ لأنه في زمن آدم لم يكن للأرض أهلٌ، أو لأن رسالة آدم عليه السلام إلى بنيه كانت كالتربية للأولاد، ويحتمل أن يكون المراد أنه رسول أُرسل إلى بنيه وغيرهم من الأمم الذين أرسل إليهم مع تفرّقهم في عدّة بلاد، وآدم عليه السلام إنما أُرسل إلى بنيه فقط، وكانوا مجتمعين في بلدة واحدة.

واستشكله بعضهم بإدريس عليه السلام، وأجيب بأنه مختَلَفٌ في كونه قبل نوح، وقد تقدّم هذا البحث مستوفى في شرح حديث أنس - رضي الله عنه -، فراجعه. (وَسَمَّاكَ اللهُ عَبْدًا شَكُورًا) إشارة إلى قوله تعالى: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (٣)} [الإسراء: ٣]، قال في "الفتح": وفي الحديث ردّ على من زعم أن الضمير في قوله: {إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} لموسى عليه السلام، وقد صحح ابن حبان من حديث سلمان الفارسيّ - رضي الله عنه -: "كان نوح إذا طَعِمَ، أو لَبِسَ حَمِدَ الله، فسُمِّي عبدًا شكورًا"، وله شاهد عند ابن مردويه، من حديث معاذ بن أنس، وآخر من حديث أبي فاطمة (١).

وأخرج عبد الرزاق بسند مقطوع: "أن نوحًا كان إذا ذهب إلى الغائط قال: الحمد لله الذي رزقني لذّته، وأبقى فيّ قُوّته، وأذهب عنّي الأذى" (٢).


(١) راجع: "الفتح" ٨/ ٢٤٨ "كتاب التفسير" رقم (٤٧١٢).
(٢) راجع: "الفتح" ٦/ ٤٣٠ "كتاب أحاديث الأنبياء" (٣٣٤١).