للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يُلتفت إلى ما يقال غير هذا. انتهى (١).

(وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ) أي بأن يسجدوا لك (فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلَا تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟) وفي نسخة: "ألا ترى ما قد بَلَغَنا" بحذف "إلى"، قال النوويّ رحمه الله: هو بفتح الغين، هذا هو الصحيح المعروف، وضَبَطه بعض الأئمة المتأخرين بالفتح والإسكان، وهذا له وجه، ولكن المختار ما قدمناه، ويدلّ عليه قوله في هذا الحديث قبل هذا: "ألا تَرَوْن ما قد بَلَغَكم"، ولو كان بإسكان الغين لقال: بَلَغتُمْ. انتهى (٢).

(فَيَقُولُ آدَمُ: إِنَّ رَبِّي غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا، لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ) فيه إثبات صفة الغضب لله تعالى على ما يليق بجلاله، وأما قول الشرّاح كالنوويّ وغيره: إن المراد بغضب الله تعالى ما يَظْهَر من انتقامه، ممن عصاه، وما يرونه من أليم عذابه، وما يشاهده أهل المجمع من الأهوال التي لم تكن، ولا يكون مثلها، ولا شك في أن هذا كله لم يتقدم قبل ذلك اليوم مثله، ولا يكون بعده مثله، فهذا معنى غضب الله تعالى، كما أن رضاه ظهور رحمته ولطفه، بمن أراد به الخير والكرامة؛ لأن الله تعالى يستحيل في حقه التغير في الغضب والرضاء. انتهى، فغير صحيح، فإن هذا تفسير باللازم، وليس معنى الغضب والرضا على الحقيقة، وقد تقدّم غير مرّة أن ما ثبت في الكتاب والسنّة الصحيحة مما وصف الله تعالى به نفسه، أو وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - فمذهب السلف، وهو الحقّ أنه على ظاهره على الحقيقة، لا على المجاز، فالرضا والغضب، والرحمة والمحبّة، والكراهة، وغيرها ثابتة لله تعالى حقيقة لا مجاز فيه، على ما يليق بجلاله، بلا تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، فتمسّك بهدي السلف، تنج من التلف، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

(وَإِنَّهُ نَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ) أي عن أكلها (فَعَصَيْتُهُ) أي خالفت نهيه، فأكلتها (نَفْسِي نَفْسِي) "نفسي" الأولى مبتدأ حُذف خبره، أي نفسي هي التي تستحقّ أن يُشْفَع لها، أو خبرٌ لمبتدأ محذوف، أي المستحقّ للشفاعة نفسي،


(١) "المفهم" ١/ ٤٢٧ - ٤٢٨.
(٢) "شرح مسلم" ٣/ ٦٧ - ٦٨.