للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال القاضي عياض رحمه الله: قيل: السيد الذي يفوق قومه، والذي يُفْزَع إليه في الشدائد، والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - سيدهم في الدنيا والآخرة، وإنما خص يوم القيامة؛ لارتفاع السؤدد فيها، وتسليم جميعهم له ذلك، ولكون آدم عليه السلام، وأولاده تحت لوائه - صلى الله عليه وسلم - كما قال الله تعالى: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: ١٦]: أي انقطعت دَعَاوَى الدُّعاة في الْمُلك في ذلك اليوم، وبقي الْمُلك الحقّ لله وحده الذي قَهَر جميع الجبابرة، والمدَّعين الملكَ، وأفناهم، ثم أعادهم، وحَشَرَهم عُرَاةً فُقَراء. انتهى (١).

وقال النوويّ رحمه الله: إنما قال هذا - صلى الله عليه وسلم - تَحَدُّثًا بنعمة الله تعالى، وقد أمره الله تعالى بهذا، ونصيحةً لنا بتعريفنا حقه - صلى الله عليه وسلم -.

(يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ظرف لـ"سيّد"، قال في "الفتح": وخصّه بالذكر؛ لظهور ذلك له يومئذ، حيث تكون الأنبياء كلّهم تحت لوائه، ويبعثه الله تعالى المقام المحمود. انتهى (٢).

(وَهَلْ تَدْرُونَ بِمَ ذَاكَ؟) أي هل تعلمون بأيّ شيء كنت سيّد الناس؟ وقوله: (يَجْمَعُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ) جملة استئنافيّة استئنافًا بيانيًّا، وهو ما وقع جوابًا عن سؤال مقدّر، والتقدير هنا: كيف ذاك؟ وقد جاء هذا السؤال مصرَّحًا به في رواية عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة الآتية: "فلما رأى أصحابه لا يسألونه، قال: أَلَا تقولون: كيفه؟ قالوا: كيفه يا رسول الله؟ قال: يقوم الناس لربّ العالمين … ". (فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ) المراد بـ"الصّعِيد": الأرض الواسعة المستوية (فَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ) بفتح الياء، وبالذال المعجمة، وذكر الْهَرَويّ، وصاحب "المطالع"، وغيرهما أنه رُوي بضم الياء، وبفتحها، قال صاحب "المطالع": رواه الأكثرون بالفتح، وبعضهم بالضم، وقال الهرويّ: قال الكسائيّ: يقال: نَفَذَني بصرُهُ: إذا بلغني، وجاوزني، قال: ويقال: أنفذتُ القومَ: إذا خَرَقْتَهُم، ومشيتَ في وسطهم، فإن جُزْتهم حتى تُخَلِّفَهم، قلت: نَفَذتهم بغير ألف، وقيل: يقال فيها: بالألف.


(١) "إكمال المعلم" ٢/ ٨٧٣ - ٨٧٤.
(٢) "الفتح" ٦/ ٤٢٩ "كتاب أحاديث الأنبياء" رقم (٣٣٤٠ - ٣٣٤١).