للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أَرْمِي عَلَيْهَا وَهْيَ فَرْعٌ أَجْمَعُ … وَهْيَ ثَلَاثُ أَذْرُعٍ وَإِصْبَعُ

وعن الفرّاء أيضًا: الذراع أُنثى، وبعض عُكْلٍ يُذَكِّر، فيقول: خمسة أذرُع، قال ابن الأنباريّ: ولم يَعْرِف الأصمعيّ التذكير، وقال الزجّاج: التذكير شاذّ غير مختار، وجمعها أَذْرُع، وذُرْعَان، حكاه في "الْعُبَابِ"، وقال سيبويه: لا جمع لها غير أَذْرُع. انتهى (١).

(وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ) قال القاضي عياض رحمه الله: محبته - صلى الله عليه وسلم - للذراع، وإعجابه بها؛ لِنُضْج لحمها، وسُرْعة استمرائه له، مع زيادة لَذَّته، وحلاوة مَذَاقه على سائر لحم الشاة، وبُعْده عن مواضع الأذى الذي كان يتّقيه - صلى الله عليه وسلم -. انتهى (٢).

وقد رَوَى الترمذيّ بإسناده عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ما كانت الذراع أحب اللحم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن كان لا يجد اللحم إلا غِبًّا، فكان يَعْجَل إليها؛ لأنها أعجلها نُضْجًا.

(فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً) هو بالسين المهملة، قال القاضي عياض رحمه الله: أكثر الرواة رووه بالمهملة، ووقع لابن ماهان بالمعجمة، وكلاهما صحيح، بمعنى: أَخَذَ بأطراف أسنانه، قال الهرويّ: قال أبو العباس: النَّهْسُ بالسين المهملة بأطراف الأسنان، وبالشين المعجمة بالأضراس، قال القاضي: قال غيره: هو نَشْرُ اللحم، قال النضر: نُهِشَتْ عَضُداه: أي دُقّتا. انتهى (٣).

(فَقَالَ: "أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ) قال القرطبيّ رحمه الله: أي المقدّم عليهم، والسيّد: هو الذي يسود قومه، أي يفوقهم بما جَمَعَ من الخصال الحميدة بحيث يَلجؤون إليه، ويُعوِّلون عليه في مهمّاتهم، قال الشاعر:

فَإِنْ كُنْتَ سَيِّدَنَا سُدتَنَا … وَإِنْ كُنْتَ لِلْخَالِ فَاذْهَبْ فَخُلْ

وقد تحقّق كمال تلك المعاني كلّها لنبيّنا محمد - صلى الله عليه وسلم - في ذلك المقام الذي يَحمَده، وَيغْبِطه فيه الأولون والآخرون، وَيشهَد له بذلك النبيّون والمرسلون، وهذه حكمة عَرْض الشفاعة على خيار الأنبياء عليهم السلام، فكلُّهم تبرّأ منها، ودلّ على غيره إلى أن بلغت محلّها، واستقرّت في نصابها (٤).


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٠٧ - ٢٠٨.
(٢) "إكمال المعلم" ٢/ ٨٧٤.
(٣) "إكمال المعلم" ٢/ ٨٧٢ - ٨٧٣.
(٤) "المفهم" ١/ ٤٢٦.