للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إما سرعة نفوذ السيف، وإما إصابة الْمَحَزّ، قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ويؤيده تأويل النوويّ قوله في الحديث الآخر: "ثم يمشي الدجال بين القطعتين" (١).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "فيقطعه جزلتين" هو بفتح الجيم، وحكاه ابن دُريد بكسرها، قال: والأَولى الفتح؛ لأن جزلتين هنا مصدر ملاقٍ في المعنى لـ "يقطعه"، فكأنه قال: قطعه قطعتين، أو جزله جَزلتين، وجزلة مصدر محدود لجزل جزلًا، وجزلةً، ويجوز الكسر على أنه اسم، يعني قَسَمه قطعتين وفرقتين، و"رميةَ الغرض" منصوب نصب المصدر؛ أي: كرمية الغرض في السرعة والإصابة، وقيل: جُعل بين القطعتين مثل رمية الغرض، وفيه بُعد، والأول أشبه. انتهى (٢).

(ثُمَّ يَدْعُوهُ)؛ أي: يطلب الدجّال الشاب الذي قطعه بالسيف لكي يأتيه، (فَيُقْبِلُ) الشابّ على الدجّال، وقوله: (وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ) جملة في محلّ نصب على الحال، ومعنى "يتهلّل": أي يتلألأ، ويضيء، وقوله: (يَضْحَكُ) جملة حاليّة من "وجهه".

(فَبَيْنَمَا هُوَ)؛ أي: الدجّال (كَذَلِكَ) أي: على تلك الحال، وذلك المنوال، (إِذْ بَعَثَ اللَّهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ) عليهما الصلاة والسلام، فسبحان من يدفع المسيحَ بالمسيح، قال تعالى جل شأنه: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء: ١٨]، (فَيَنْزِلُ) عيسى -عليه السلام- (عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ) "عند" ظرف لـ "ينزل"، وقوله: (شَرْقِيَّ دِمَشْقَ) بالنصب على الظرفية مضافًا إلى قوله: "دمشق" بكسر الدال، وفتح الميم، وتُكسر، وهو المشهور الآن بالشام، فإنه تحت ملكه، وذكر السيوطي في تعليقه على ابن ماجه أنه قال الحافظ ابن كثير: في رواية أن عيسى -عليه السلام- ينزل ببيت المقدس، وفي رواية بالأردنّ، وفي رواية بمسكر المسلمين.

قال: حديث نزوله ببيت المقدس عند ابن ماجه، وهو عندي أرجح، ولا ينافي سائر الروايات؛ لأن بيت المقدس شرقيّ دمشق، وهو معسكر المسلمين


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ١١/ ٣٤٥٣.
(٢) "المفهم" ٧/ ٢٨٢.