للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

المراد: جماعة النحل، لا ذكورها خاصّة، لكنه كنى عن الجماعة باليعسوب، وهو أميرها؛ لأنه متى طار تبعته جماعته، ومنه قيل للسيد: يعسوب، ففي الكلام نوع قلب؛ إذ حق الكلام: كنحل اليعاسيب، ولعل النكتة في جمع اليعاسيب، هو الإيماء إلى كثرة الكنوز التابعة، وأنه قُدِّر كأنه جَمْع باعتبار جوانبه، وأطرافه، والمراد: جَمْع من أمرائه، ووكلائه، وقال الأشرف: قوله: "كاليعاسيب" كناية عن سرعة اتّباعه؛ أي: تتبعه الكنوز بالسرعة، وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إذا كان قوله: "كاليعاسيب" حالًا من الدجال فالخربة صفة البقاع، وإذا كان حالًا من الكنوز، فيجوز أن يكون الموصوف جمعًا، أو مفردًا. انتهى (١).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يعاسيب النحل: فُحولها، واحدها يعسوب، وقيل: أمراؤها، ووجه التشبيه: أن يعاسيب النحل يتبع كلَّ واحد منهم طائفة من النحل، فتراها جماعات في تفرقة، فالكنوز تتبع الدجال كذلك (٢).

(ثُمَّ يَدْعُو)؛ أي: يطلب الدجال (رَجُلًا) لم يُعرف، وقيل: هو الخضر -عليه السلام-، ولا يصحّ، كما سيأتي، حال كونه (مُمْتَلِئًا)؛ أي: تامًا كاملًا قويًا، وقوله: (شَبَابًا) تمييز عن النسبة، قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الممتلئ شبابًا هو الذي يكون في غاية الشباب، (فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ) أي غضبًا عليه؛ لإبائه قبول دعوته الألوهية، أو إظهارًا للقدرة، وتوطئة لخرق العادة، (فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ) بفتح الجيم، وتكسر؛ أي: قطعتين، متباعدتين، (رَمْيَةَ الْغَرَضِ)؛ أي: قَدْر حذف الْهَدَف، فهي منصوبة بمقدَّر، وفائدة التقييد به أن يظهر عند الناس أنه هلك بلا شبهة، كما يفعله السحرة، والمشعبذة، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هو بفتح الجيم على المشهور، وحَكَى ابن دُريد كسرها، ومعنى رمية الغرض: أنه يجعل بين الجزلتين مقدار رمية الغرض، هذا هو الظاهر المشهور، وحكى القاضي هذا، ثم قال: وعندي أن فيه تقديمًا وتأخيرًا، وتقديره: فيصيبه إصابة رمية الغرض، فيقطعه جزلتين، والصحيح الأول، قال التوربشتيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أراد برمية الغرض:


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ١١/ ٣٤٥٣.
(٢) "المفهم" ٧/ ٢٨٢.