للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أبو سعيدى من النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- دون غيره، وهذا دالّ على دقة فهمه، وتبحره في الاطلاع على علل الأحاديث.

وفي هذا الحديث زيادة أيضًا لم تقع في رواية البخاريّ، وهي عند الإسماعيليّ، وأبي نعيم في "المستخرج" من طريق خالد الواسطيّ، عن خالد الحذاء، وهي: فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا عمار ألا تَحْمِل كما يحمل أصحابك؟ " قال: إني أريد من اللَّه الأجر. انتهى ما في "الفتح" (١).

(المسألة الخامسة): قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لعمّار بن ياسر -رضي اللَّه عنهما-: "تقتلك فئة باغية"، وفي لفظ آخر: "الفئة الباغية" هذه شهادة من النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على فئة معاوية بالبغي، فإنهم هم الذين قتلوه، فإنه كان بعسكر عليّ بصِفّين، وأبلى في القتال بلاء عظيمًا، وحرّض أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على قتال معاوية وأصحابه، قال أبو عبد الرحمن السَّلميّ: شهدنا مع عليّ صفين، فرأيت عمّار بن ياسر -رضي اللَّه عنهما- لا يأخذ في ناحية من أودية صفين، إلا رأيت أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- يتبعونه، كأنه عَلَم لهم، قال: وسمعته يقول يومئذ لهاشم بن عتبة: يا هاشم تقدّم، الجنة تحت الأبارقة (٢)، اليوم ألقى الأحبّة، محمّدًا وحزبه، واللَّه لو هزمونا حتى يبلغوا بنا شغفات هجر لعلمنا أنا على الحقّ، وأنهم على الباطل، ثم قال:

نَحْنُ ضَرَبْنَاكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ … فَالْيَوْمَ نَضْرِبْكُمْ عَلَى تَأْوِيلِهِ

ضَرْبًا يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ … وَيُذْهِلُ الْخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ

أَوْ يَرْجِعُ الْحَقَّ إِلَى سبِيلِهِ

قال: فلم أر أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- قُتلوا في موطن ما قُتلوا يومئذ، وقال عبد الرحمن بن أبزى: شهدنا صفين مع عليّ -رضي اللَّه عنه- في ثمانمائة ممن بايع بيعة الرضوان، قُتل منهم ثلاثة وستون، منهم عمّار بن ياسر.

وروى الشعبي عن الأحنف بن قيس في خبر صفين قال: ثم حمل عمّار بن ياسر، فحمل عليه ابن جزء السكسكيّ، وأبو الغادية الفزاريّ، فأمَّا


(١) "الفتح" ٢/ ١٨٨ - ١٨٩، "كتاب الصلاة" رقم (٤٤٧).
(٢) الأبارقة: السيوف.