للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الجنة"، قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: كذا قاله بعض مَن لقيناه، وقال: وجه الدلالة منه أنه جَعَلَ الجنة ظرفًا لشفاعته، قال الحافظ: وفيه نظر؛ لأني سأبيّن أنها ظرف في شفاعته الأولى المختصة به، والذي يُطْلَب هنا أن يشفع من لم يبلغ عمله درجة عالية أن يبلغها بشفاعته.

قال الجامع عفا الله عنه: حديث أنس - رضي الله عنه - الآتي بلفظ: "أنا أول الناس يشفع في الجنّة" ظاهر فيما قاله هذا البعض، وما تعقّبه به الحافظ، ففيه نظر لا يخفى، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

وأشار النووي في "الروضة" إلى أن هذه الشفاعة من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -، مع أنه لم يذكر مستندها.

وأشار عياض إلى استدراك شفاعة سادسة، وهي التخفيف عن أبي طالب في العذاب، كما سيأتي بيانه في موضعه - إن شاء الله تعالى -.

وزاد بعضهم شفاعة سابعة، وهي الشفاعة لأهل المدينة؛ لحديث سعد - رضي الله عنه - رفعه: "لا يَثْبُت على لأوائها أحد إلا كنت له شهيدًا، أو شفيعًا"، أخرجه مسلم، ولحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - رفعه: "من استطاع أن يموت بالمدينة فليفعل، فإني أشفع من مات بها"، أخرجه الترمذيّ.

قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: وهذه غير واردة؛ لأن متعلقها لا يخرج عن واحدة من الخمس الأُوَل، ولو عُدّ مثل ذلك لَعُدّ حديث عبد الملك بن عباد، سمعت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أول من أشفع له أهل المدينة، ثم أهل مكة، ثم أهل الطائف" (١)، أخرجه البزار، والطبرانيّ. وأخرج الطبرانيّ، من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - رفعه: "أول من أشفع له أهل بيتي، ثم الأقرب، فالأقرب، ثم سائر العرب، ثم الأعاجم" (٢).

وذكر القزويني في العروة الوثقى شفاعته لجماعة من الصلحاء في التجاوز عن تقصيرهم، ولم يذكر مستندها، قال الحافظ: ويظهر لي أنها تندرج في الخامسة.


(١) حديث ضعيف، راجع "ضعيف الجامع" للشيخ الألبانيّ - رَحِمَهُ اللهُ - رقم (٢١٤٢).
(٢) موضوع، راجع "السلسلة الضعيفة" للشيخ الألبانيّ - رَحِمَهُ اللهُ - ٢/ ١٦١.