للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال ابن بطال - رَحِمَهُ اللهُ -: سَلَّم بعضُ المعتزلة وقوع الشفاعة، لكن خَصّها بصاحب الكبيرة الذي تاب منها، وبصاحب الصغيرة الذي مات مصرًّا عليها.

وتُعُقِّب بأن من قاعدتهم أن التائب من الذنب لا يُعَذَّب، وأن اجتناب الكبائر يُكَفِّر الصغائر، فيلزم قائله أن يخالف أصله.

وأُجيب بأنه لا مغايرة بين القولين؛ إذ لا مانع من أن حصول ذلك للفريقين إنما حصل بالشفاعة، لكن يحتاج مَن قَصرها على ذلك إلى دليل التخصيص، وقد ثبت قوله - صلى الله عليه وسلم -: "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي"، ولم يخص بذلك من تاب.

وقال عياض - رَحِمَهُ اللهُ -: أثبتت المعتزلة الشفاعة العامة في الإراحة من كرب الموقف، وهي الخاصة بنبينا - صلى الله عليه وسلم -، والشفاعة في رفع الدرجات، وأنكرت ما عداهما.

قال الحافظ: وفي تسليم المعتزلة الثانية نظرٌ، وقال النوويّ تبعًا لعياض: الشفاعة خمس: في الإراحة من هول الموقف، وفي إدخال قوم الجنة بغير حساب، وفي إدخال قوم حوسبوا، فاستحقوا العذاب أن لا يعذبوا، وفي إخراج من أدخل النار من العصاة، وفي رفع الدرجات.

ودليل الأولى سيأتي التنبيه عليه في شرح حديث أنس - رضي الله عنه - الطويل في الشفاعة الآتي قريبًا.

ودليل الثانية قوله تعالى في جواب قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أمتي، أمتي": "أَدْخِل الجنة من أمتك مَن لا حساب عليهم"، قال الحافظ: كذا قيل، ويظهر لي أن دليله سؤاله - صلى الله عليه وسلم - الزيادة على السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب، فأجيب.

قال الجامع عفا الله عنه: عندي أنه لا تنافي في الاستدلال بالحديثين، فتأمله، والله تعالى أعلم.

ودليل الثالثة قوله في حديث حُذيفة - رضي الله عنه - عند مسلم: "ونبيّكم على الصراط يقول: رب سلِّم"، وله شواهد سيأتي ذكرها في شرح حديث أنس - رضي الله عنه - في الشفاعة.

ودليل الرابعة سيأتي أيضًا في شرح حديث أنس - رضي الله عنه - عنه مبسوطًا.

ودليل الخامسة قوله في حديث أنس - رضي الله عنه - عند مسلم: "أنا أول شفيع في