واحدة، كما قال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فنظر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلينا، ثم ضحك حتى بدت نواجذه.
فهذا نصّ صريح في أن ضكحه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان تصديقًا، لا إنكارًا؛ لأنه أخبرهم قبل مجيء اليهوديّ، وقبل إخباره، ثم لمّا أخبرهم بما أخبره -صلى اللَّه عليه وسلم- به أعجبه ذلك، فضحك. واللَّه تعالى أعلم.
ثم أذكر ما كتبه بعض المحقّقين ممن له عناية بمذهب السلف، والردّ على من خالفه، وهو الشيخ البرّاك حفظه اللَّه تعالى حيث كتب في هامش "الفتح" ما خلاصته:
هذا الحديث يستدلّ به أهل السُّنَّة على إثبات الأصابع للَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، وأنها من صفة يديه؛ لأن هذا هو المفهوم من لفظ الإصبع في هذا لا السياق، وقد أقرّ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- اليهوديّ على قوله، كما فهم ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- بقوله:"فضحك النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تعجّبًا، وتصديقًا له"، ويؤيّد ذلك قراءة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لقوله تعالى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}، وقول أهل السُّنَّة في الأصابع للَّه تعالى كقولهم في اليدين، والوجه، وغير ذلك من الصفات، وهو الإثبات مع نفي مماثلة المخلوقات، ونفي العلم بالكيفيّة على حدّ قول الأئمة في الاستواء:"الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب".
إذا ثبت هذا فما نقله الحافظ عن ابن بطّال، وابن فُورك، وابن التين دائر بين التفويض، كما هو ظاهر قول ابن بطّال، والتأويل، كما هو ظاهر قول ابن فُورك، وابن التين.
وأهل التفويض والتأويل لا يُثبتون المعاني الظاهرة من نصوص الصفات، بل ينفونها، ثم منهم من يوجب في تلك النصوص التفويض، ومنهم من يوجب التأويل المخالف لظاهر اللفظ بغير حجة توجب ذلك، وهذه حقيقة التحريف، كما هو ظاهر في تأويلات ابن فورك بالإصبع المذكور في هذا الحديث، فنعوذ باللَّه من الضلال.
وكتب البرّاك أيضًا ما حاصله: من العجب إفراط الحافظ عفا اللَّه عنا وعنه في نقل أقوال المتأولين من النفاة لحقائق كثيرة من الصفات مع ما فيها من التمحّلات، والتكلّفات في صرف الكلام عن وجهه بشبهة واهية، مثل