ويحتمل أن يكون الخروج بمعنى: الورود، وهو الجواز على الصراط، فيتّحد المعنى، إما في شخص واحد، أو أكثر.
قال الحافظ - رحمه الله -: وقع عند مسلم من رواية أنس، عن ابن مسعود ما يقوّي الاحتمال الثاني، ولفظه:"آخر من يدخل الجنّة رجلٌ، فهو يمشي مرّة، ويكبو مرّة، وتسفعه النار مرّةً، فإذا جاوزها التفت إليها، فقال: تبارك الذي نجّاني منك"، وعند الحاكم من طريق مسروق، عن ابن مسعود ما يقتضي الجمع.
ووقع في "نوادر الأصول" للترمذي الحكيم، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "إن أطول أهل النار فيها مُكْثًا من يمكث سبعة آلاف سنة"، وسند هذا الحديث وَاهٍ والله أعلم.
وأشار ابن أبي جمرة إلى المغايرة بين آخر من يخرج من النار، وأنه يخرج منها بعد أن يدخلها حقيقة، وبين آخر من يخرج ممن يَبْقَى مارًّا على الصراط، فيكون التعبير بأنه خرج من النار بطريق المجاز؛ لأنه أصابه من حَرّها وكربها ما يُشارك به بعض مَن دخلها.
وقد وقع في "غرائب مالك" للدارقطنيّ، من طريق عبد الملك بن الحكم، وهو وَاهٍ، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، رفعه:"إن آخر مَن يدخل الجنة رجل من جهينة، يقال له: جهينة، فيقول أهل الجنة: عند جهينة الخبر اليقين"، وحَكَى السهيليّ: أنه جاء أن اسمه هَنّاد، وجوَّز غيره أن يكون أحد الاسمين لأحد المذكورين، والآخر للآخر. انتهى (١).
(فَيَقُولُ) ذلك الرجل (أَيْ) حرف نداء (رَبِّ) أصله "ربّي" بياء المتكلّم، فخفّف بحذفها، وتقدّم أن فيه ستّ لغات، قد أشار ابن مالك - رحمه الله - إلى الخمسة منها في "الخلاصة" بقوله: