للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

سعيد عند البخاريّ: "فينبتون في حافتيه"، وفي رواية لمسلم: كما تَنْبُت الْغُثَاءة، بضم الغين المعجمة، بعدها مثلثة مفتوحة، وبعد الألف همزة، ثم هاء تأنيث، هو في الأصل كلُّ ما حَمَله السيل من عِيدَان، ووَرَق، وبُزُور، وغيرها، والمراد به هنا ما حَمَله من البُزُور خاصّة، قاله في "الفتح" (١).

(فِي حَمِيلِ السَّيْلِ) بالحاء المهملة المفتوحة، والميم المكسورة: أي ما يَحْمِله السيل، وهو ما جاء به السيل من طين، أو غُثَاء، ومعناه: محمول السيل، والمراد به التشبيه في سُرْعة النبات، وحُسنه، وطراوته (٢).

وقال في "الفتح": وفي رواية يحيى بن عُمَارة: "إلى جانب السيل"، والمراد أنّ الْغُثَاء الذي يجيء به السيل، يكون فيه الْحِبّة، فيقع في جانب الوادي، فتُصبح من يومها نابتةً، ووقع في رواية: "في حَمِئَة السيلِ " بعد الميم همزة، ثم هاء، وقد تُشْبَع الميم، فيصير بوزن عَظِيمة، وهو ما تَغَيَّر لونه من الطين، وخُصَّ بالذكر؛ لأنه يقع فيه النبت غالبًا.

قال ابن أبي جمرة - رحمه الله -.: فيه إشارة إلى سُرْعة نباتهم؛ لأن الْحِبّة أسرع في النبات من غيرها، وفي السيل أسرع، لِمَا يجتمع فيه من الطين الرِّخْو الحادث مع الماء، مع ما خالطه من حرارة الزِّبْل المجذوب معه. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: "حَمِيلُ السيل": ما يَحمِله من طين وغُثَاء، فإذا اتّفق أن يكون فيه حِبّةٌ، فإنها تنبُت في يوم وليلة، وهي أسرع نابتة نباتًا، فشبّه - صلى الله عليه وسلم - سُرعة نبات أجسادهم بسرعة نبات تلك الحبّة، وهذا معنى قول المازريّ، وبقي عليه من التشبيه المقصود بالحديث نوعٌ آخر دلّ عليه ما في حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - حيث قال: "ألا ترونها تكون إلى الحجر، ما يكون منها إلى الشمس أُصيفر وأُخيضر، وما يكون منها إلى الظلّ يكون أبيض"، وهو تنبيه على أنّ ما يكون إلى الجهة التي تلي الجنة منهم يسبق إليه البياض المستحسَن، وما يكون منهم إلى جهة النار، يتأخر النُّصُوع عنه، فيبقى أُصيفر وأخيضر إلى أن يتلاحق البياض، ويستوي الحسن والنور، ونَضَارة النعمة عليهم.


(١) ١١/ ٤٦٦.
(٢) "شرح النوويّ" ٣/ ٢٣.
(٣) "الفتح" ١١/ ٤٦٦.