للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال القاضي عياض - رحمه الله -: فيه دليلٌ على أن عذاب المؤمنين المذنبين مخالفٌ لعذاب الكفّار، وأنها لا تأتي على جميع أعضائهم، إما إكرامًا لموضع السجود، وعِظَم مكانهم من الخضوع لله تعالى، أو لكرامة تلك الصورة التي خُلِق آدم، والبشَر عليها، وفُضِّلُوا بها على سائر الخلق.

قال الحافظ - رحمه الله -: الأول منصوص، والثاني مُحْتَمِلٌ، لكن يُشكِل عليه أن الصورة لا تختص بالمؤمنين، فلو كان الإكرام لأجلها لشاركهم الكفار، وليس كذلك.

قال النووي - رحمه الله -: وظاهر الحديث أن النار لا تأكل جميع أعضاء السجود السبعة، وهي: الجبهة، واليدان، والركبتان، والقدمان، وبهذا جَزَم بعض العلماء، وقال عياض: ذِكْرُ الصورة، ودارات الوجوه يدُلّ على أن المراد بأثر السجود الوجه خاصّةً، خلافًا لمن قال: يشمل الأعضاء السبعة، ويؤيد اختصاص الوجه أن في بقية الحديث: "أن منهم من غاب في النار إلى نصف ساقيه"، وفي حديث سمرة - رضي الله عنه -: "وإلى ركبتيه"، وفي رواية هشام بن سعد، في حديث أبي سعيد: "وإلى حِقْوه".

قال النوويّ: وما أنكره هو المختار، ولا يمنع من ذلك قوله في الحديث الآخر في مسلم: "إن قومًا يخرجون من النار، يحترقون فيها إلا دارات وجوههم"، فإنه يُحْمَل على أن هؤلاء قوم مخصوصون من جملة الخارجين من النار، فيكون الحديث خاصًّا بهم، وغيره عامًّا، فيُحْمَل على عمومه إلا ما خُصَّ منه.

قال الحافظ: إن أراد أن هؤلاء يُخَصُّون بأن النار لا تأكل وجوههم كلّها، وأن غيرهم لا تأكل منهم محل السجود خاصّةً، وهو الجبهة سَلِمَ من الاعتراض، وإلا يلزمه تسليم ما قال القاضي في حقّ الجميع إلا هؤلاء، وإن كانت علامتهم الغُرّة كما تقدم النقل عمن قاله، وما تَعَقّبه بأنها خاصّة بهذه الأمة، فيضاف إليها التحجيل، وهو في اليدين والقدمين، مما يَصِل إليه الوضوء، فيكون أشمل مما قاله النووي من جهة دخول جميع اليدين والرجلين، لا تخصيص الكفين والقدمين، ولكن ينقص منه الركبتان.

وما استَدَلَّ به القاضي من بقية الحديث، لا يمنع سلامة هذه الأعضاء مع