للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الفعل فهي ذبيح حقيقةً. انتهى (١).

(إِلَى الرَّحْمَنِ) إنما خصّ لفظ "الرحمن" من بين سائر الأسماء الحسنى؛ لأن المقصود من الحديث بيان سعة رحمة الله تعالى على عباده، حيث يجازي على العمل القليل بالثواب الجزيل، وقال العينيّ رَحِمَهُ اللهُ: يجوز أن يقال: اختصاص ذلك لإقامة السجع؛ أعني: الفواصل، وهي من محسِّنات الكلام، على ما عُرف في علم البديع، وإنما نُهي عن سجع الكهان؛ لكونه متضفنًا للباطل. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": وفي هذه الألفاظ الثلاثة سجع مستعذب، وقد ورد النهي عنه، وهو محمول على ما كان متكلَّفًا، أو متضمِّنًا لباطل، لا ما جاء عَفْوًا، عن غير قصد إليه. انتهى (٣).

(سُبْحَانَ اللهِ) قد تقدّم أنه لازَم النصب بإضمار الفعل، و"سبحان" عَلَم للتسبيح، كعثمان علم للرجل، والعَلَم على نوعين: علم شخصيّ، وعلم جنسيّ، ثم إنه يكون تارةً للعين، وتارة للمعنى، فهذا من العَلَم الجنسي الذي للمعنى، قيل: لفظ "سبحان" واجب الإضافة، فكيف الجمع بين العَلَمية والإضافة؟

وأجيب: بأنه يُنَكَّر، ثم يضاف، كما قال الشاعر [من الطويل]:

عَلَا زَيْدُنَا يَوْمَ النَّقَا رَأْسَ زَيْدِكُمْ … بِأَبْيَضَ مَاضِي الشَّفْرَتَيْنِ يَمَانِ

ووجه تكرير "سبحان الله": الإشعار بتنزيهه على الإطلاق، ثم إن التسبيح ليس إلا ملتبسًا بالحمد؛ ليُعلم ثبوت الكمال له نفيًا وإثباتًا جميعًا (٤).

(وَبِحَمْدِهِ) قيل: الواو للحال، والتقدير: أسبّح الله متلبسًا بحمدي له، من أجل توفيقه، وقيل: عاطفة، والتقدير: أسبّح الله، وأتلبّس بحمده. ويَحْتَمِل أن يكون الحمد مضافًا للفاعل، والمراد من الحمد: لازِمه، أو ما يوجب الحمد من التوفيق ونحوه.

وَيَحْتَمل أن تكون الباء متعلقة بمحذوف متقدم، والتقدير: وأثني عليه


(١) "الفتح" ١٧/ ٦٣١ - ٦٣٢.
(٢) "عمدة القاري" ٢٣/ ٢٦.
(٣) "الفتح" ١٧/ ٦٣١ - ٦٣٢.
(٤) "عمدة القاري" ٢٣/ ٢٦.