للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال في "الفتح": قيل: الفرق بين القيدين كراهية لتكرير اللفظ الواحد، وقيل: عبّر في الزكاة بـ "المفروضة" للاحتراز عن صدقة التطوّع، فإنها زكاة لغوّية، وقيل: احترز من الزكاة المعجّلة قبل الحول، فإنها زكاة، وليست مفروضة (١).

(وَتَصُومُ رَمَضَانَ) إنما لم يقيده لأنه لا يكون إلا فرضًا (قَالَ) الأعرابيّ (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ) فيه جواز الحلف للتأكيد بغير استحلاف، أو ضرورة ملجئة.

[فإن قلت]: كيف أقرّه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على حلفه، وقد جاء النكير على من حلف أن لا يفعل خيرًا، والنهي عنه في قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا} الآية [البقرة: ٢٢٤].

[أجيب]: بأن المنع والنكير إنما كان عن عناد؛ إذ لا شكّ أن ترك النوافل جائزٌ، والحلف على المباح غير محرّم، ولهذا الكلام محمل آخر، وهو أن يكون السائل رسولًا، فحلف أن لا يزيد في الإبلاغ على ما سمع، ولا ينقص منه، وقيل: يحتمل أن يكون صدور هذا الكلام منه على المبالغة في التصديق والقبول، أي: قبلت قولك فيما سألتك عنه قبولًا لا مزيد عليه من جهة السؤال، ولا نقصان فيه من طريق القبول. ذكره الطيبيّ (٢).

(لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا) أي الذي ذَكَره (شَيْئًا) أي من عندي (أَبَدًا، ولَا أَنْقُصُ مِنْهُ) أي مما ذُكر، وقيل: المعنى لا أزيد على هذا السؤال، ولا أنقص في العمل مما سمعته، أو كان الرجل وافد قوم، فأراد أنه لا يزيد في التبليغ على ما سَمِعَ، ولا ينقُص منه شيئًا (فَلَمَّا وَلَّى) أي أدبر الأعرابيّ وذهب عن المجلس (قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ) شرطيّة، أو موصولة (سَرَّهُ) أي أعجبه (أَنْ يَنْظُرَ) "أن" مصدريّة، والمصدر المؤَوّل فاعل "أعجب" (إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّة، فَلْيَنْظُرْ) جواب الشرط، أو خبر المبتدأ، ودخلت الفاء؛ لكون المبتدأ بمعنى الشرط (إِلَى هَذَا) الأعرابيّ، والظاهر منه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عَلِمَ بالوحي أنه سيُوَفِّي بما التَزَم، وأنه يدوم على ذلك، ويدخل الجنة.


(١) "الفتح" ٣/ ٣١٢ كتاب الزكاة.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٢/ ٤٥٦.