فابتُلِي بعُسر البول، فصار يطوف على المكاتب، ويقول: ادعوا لعمكم الكذّاب، وأبو سليمان لَمّا قال: قد أَعطيتُ من الرضا نصيبًا، لو ألقاني في النار لكنت راضيًا، ذُكر أنه ابتُلي بمرض، فقال: إن لم تعافني، وإلا كفرت، أو نحو هذا، وفُضيل بن عياض ابتُلي بعسر البول، فقال: بحبي لك إلا فرّجت عنّي، فبذل حبّه في عسر البول، فلا طاقة لمخلوق بعذاب الخالق ولا غنى به عن رحمته، وقد قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لرجل:"ما تدعو في صلاتك؟ "، قال: أسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار، أما إني لا أُحسن دندنتك، ولا دندنة معاذ، فقال:"حولها ندندن"، فقد أخبر - صلى الله عليه وسلم - أنه ومعاذ بن جبل - رضي الله عنه -، وهو أفضل الأئمة الراتبين بالمدينة في حياة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إنما يُدندنون حول الجنة، أفيكون قول أحد فوق قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومعاذ، ومن يصلّي خلفهما من المهاجرين والأنصار. انتهى كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما سبق أن طلب الجنّة، والاستعاذة من النار طريق الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، وجميع أولياء الله السابقين المقرّبين، وأصحاب اليمين، فمن حاد عن طريقهم فقد ضلّ ضلالًا مبينًا.
(وَتُقِيمُ الصَّلَاة الْمَكْتُوبَةَ) أي المفروضة على الأعيان بشرائطها وأركانها المعلومة، قيدها احترازًا عن التطوّعات (وَتُؤَدِّي) أي تعطي (الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ) المغايرة بين الوصفين للتفنّن، وهي للتأكيد، أو لئلا يُتوهّم المعنى اللغويّ، وهو مطلق الصدقة، والمعنى أداء مقدارها المعيّنة، لمصارفها المقرّرة.