للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(كَقَرْنَيِ الْبِئْر، وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ) قال الحافظ: لم أقف على تسمية أحد منهم. (فَجَعَلْتُ أقولُ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ النَّار، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ النَّار، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ النَّار، قَالَ) ابن عمر: (فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ، فَقَالَ لِي: لَمْ تُرَعْ) - بضم أوله، وفتح الراء، بعدها مهملة ساكنة -؛ أي: لم تُخَفْ، والمعنى: لا خوف عليك بعد هذا، قال الجوهريّ: يقال: لا تُرَع: معناه: لا تخف، ولا يلحقك خوف، وفي رواية الكشميهنيّ: "لن تراع"، وزاد فيه: "إنك رجل صالحٌ" (١)، قال الحافظ: قوله: "لن تراع"، هي رواية الجمهور بإثبات الألف، ووقع في رواية القابسيّ: "لن تُرَعْ"، بحذف الألف، قال ابن التين: وهي لغة قليلةٌ؛ أي: الجزم بـ "لَنْ" حتى قال القزاز: لا أعلم له شاهدًا.

وتُعُقِّب بقول الشاعر [من الخفيف]:

لَنْ يَخِبِ الآنَ مِنْ رَجَائِكَ مَنْ … حَرَّكَ مِنْ دُونِ بَابِكَ الْحَلَقَهْ

وبقول الآخر [من الطويل]:

وَلَنْ يَحْلُ لِلْعَيْنَيْنِ بَعْدَكَ مَنْظَرٌ

وقال في "الفتح" أيضًا: قوله: "لم تُرَعْ"؛ أي: لم تُفْزَع، في رواية الكشميهنيّ: "لَن تُرَاعَ"، فعلى الأول ليس المراد أنه لم يقع له فزع، بل لمّا كان الذي فَزِع منه لم يستمرّ، فكأنه لم يفزع، وعلى الثانية فالمراد: أنك لا روع عليك بعد ذلك.

قال ابن بطال: إنما قال له ذلك لِمَا رأى منه من الفزع، ووثق بذلك منه؛ لأن الملَك لا يقول إلا حقًّا. انتهى.

ووقع عند ابن أبي شيبة من رواية جرير بن حازم، عن نافع: "فلقيه ملك، وهو يرعد، فقال: لم تُرَعْ"، ووقع عند كثير من الرواة: "لَن تُرَعْ" بحرف "لن" مع الجزم، ووجّهه ابن مالك بأنه سكّن العين للوقف، ثم شبّهه بسكون الجزم، فحَذف الألف قبله، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف، ويجوز أن يكون جَزَمه بـ "لن"، وهي لغة قليلة، حكاها الكسائيّ. انتهى (٢).


(١) "عمدة القاري" ٧/ ١٦٩.
(٢) "الفتح" ١٦/ ٣٨٦، كتاب "التعبير" رقم (٧٠٢٨).