للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "الفتح": هكذا للجمهور، وحَكَى الكرمانيّ أن في نسخة: "قرنين" فأعربها بالجرّ، أو بالنصب، على أن فيه شيئًا مضافًا، حُذف، وتُرِك المضاف إليه على ما كان عليه، وتقديره: فإذا لها مثل قرنين، وهو كقراءة من قرأ: "تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةِ" [الأنفال: ٦٧] بالجرّ؛ أي: يريد عرض الآخرة، أو ضُمِّن "إذا" المفاجأه معنى الوجدان؛ أي: فإذا بي وجدت لها قرنين. انتهى.

والمراد بالقرنين هنا: خشبتان، أو بناءان تُمَدّ عليهما الخشبة العارضة التي تُعَلَّق فيها الحديدة التي فيها البَكَرة (١)، فإن كانا من بناء فهما القرنان، وإن كانا من خشب فهما الزرنوقان، بزاي منقوطة، قبل المهملة، ثم نون، ثم قاف، وقد يُطلق على الخشبة أيضًا القرنان. انتهى (٢).

وقال في "الفتح" في موضع آخر: "وقرون البئر" جوانبها التي تبنى من حجارة، توضع عليها الخشبة التي تُعَلّق فيها الْبَكَرَة والعادة أن لكل بئر قرنين (٣).

وقال في "العمدة": قوله: "فإذا لها قرنان"؛ أي: جانبان، وقرنا الرأس: جانباه، ويقال: القرنان منارتان عن جانبي البئر، تُجعَل عليهما الخشبة التي تُعَلَّق عليها الْبَكَرة، قال الكرمانيّ: أو ضفيرتان، وفي بعضها "قرنين".

فإن قلت: فما وجهه؛ إذ هو مُشْكِل؟ قلت: إما أن يقال: تقديره: فإذا لها مثل قرنين، فحُذف المضاف، وتُرك المضاف إليه على إعرابه، وهو كقراءة: "وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةِ" [الأنفال: ٦٧] بجرّ الآخرةِ؛ أي: عَرَض الآخرة، وإما أن يقال: "إذا" المفاجأة تتضمَّن معنى الوجدان، فكأنه قال: فإذا وَجَدت لها قرنين، كما يقول الكوفيون في قولهم: "كنت أظنّ العقرب أشدّ لَسْعًا من الزنبور، فإذا هو إياها" أن معناه: فماذا وجدته هو إياها. انتهى (٤).


(١) قال في "المصباح": الْبَكَرَة التي يُستَقَى عليها بفتح الكاف، فتُجمَع على بَكَرٍ، مثلُ قَصَبَة وقَصَبٍ، وتُسكّن فَتُجْمَع على بَكَرَات، مثلُ سَجْدة وسَجَدَات. انتهى.
(٢) "الفتح" ٣/ ٥١٠، كتاب "التهجّد" رقم (١١٢١).
(٣) "الفتح" ١٦/ ٣٨٦، كتاب "التعبير" رقم (٧٠٢٨).
(٤) "عمدة القاري" ٧/ ١٦٩.