للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الرجل أنت، لو تُكْثِر الصلاة، فانطلقوا بي حتى وقفوا بي على شفير جهنم، فإذا هي مطوية كطي البئر، لها قرون كقرون البئر، بين كل قرنين مَلَك بيده مِقمعة من حديد، وأرى فيها رجالًا معلَّقين بالسلاسل، رؤوسهم أسفلهم، عرفت فيها رجالًا من قريش، فانصرفوا بي عن ذات اليمين، فقصصتها على حفصة، فقصّتها حفصة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن عبد الله رجل صالح"، فقال نافع: لم يزل بعد ذلك يُكثر الصلاة. انتهى (١).

(فَرَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ) قال الحافظ: لم أقف على تسميتهما. (أَخَذَانِي، فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ). وفي رواية: "كأن اثنين أتياني، أرادا أن يذهبا بني إلى النار، فتلقّاهما ملَك، فقال: لن تُرَاعَ، خَلِّيا عنه"، وظاهر هذا أنهما لم يذهبا به، ويُجمع بينهما بحمل الثاني على إدخاله فيها، فالتقدير أن يذهبا بي إلى النار، فيدخلاني فيها، فلما نظرتها، فإذا هي مطوية، ورأيت من فيها، واستعذت، فلقِيَنَا مَلَكٌ آخرُ"، قاله في "الفتح" (٢).

(فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ)؛ أي: مبنيّة، والبئر قبل أن تُبنى تسمّى قَليبًا، قاله في "الفتح"، وقال في "العمدة": كلمة "إذا" للمفاجأة، ومعنى مطوية: مبنية الجوانب، فإن لم تُبْنَ فهي القَلِيب. انتهى (٣).

(كَطَيِّ الْبِئْر، وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ) قال النوويّ رحمه الله: القرنان: هما الخشبتان اللتان عليهما الْخَطّاف، وهي الحديدة التي في جانب البَكَرة، قاله ابن دُريد، وقال الخليل: هما ما يُبنى حول البئر، ويوضع عليه الخشبة التي يدور عليها الْمِحْوَر، وهي الحديدة التي تدور عليها الْبَكَرة. انتهى (٤).

وقال القرطبيّ رحمه الله: القرنان: منارتان تُبنيان على جانبي البئر، يُجعل عليهما الخشبة التي تُعَلَّق عليها البكرة، والبئر: المطوية بالحجارة، وهي الرسّ أيضًا، فإنْ لم تُطو: فهي القَلِيب والرّكِيّ (٥).


(١) "صحيح البخاريّ" ٦/ ٢٥٧٨.
(٢) "الفتح" ٣/ ٥١٠، كتاب "التهجّد" رقم (١١٢١).
(٣) "عمدة القاري" ٧/ ١٦٩.
(٤) "شرح النوويّ" ١٦/ ٣٨.
(٥) "المفهم" ٦/ ٤٠٩.