للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

باسم معروف عند الناس حينئذ. انتهى (١).

(فَهَلْ أَنْتَ مُبَلِّغ عَنِّي قَوْمَكَ؟)؛ أي: هل ترجع إلى قومك، وتدعوهم إلى الإيمان بي، واتباع ما جئت به؟؛ لأنه لا داعي في إقامتك بمكة، والمسلمون مضطهدون فيها، فهل تغتنم هذا الوقت بحمل رسالة الإسلام إليهم؟ (عَسَى اللهُ أَنْ يَنْفَعَهُمْ بِكَ)؛ أي: بسبب دعوتك، (وَيَأْجُرَكَ فِيهِمْ")؛ أي: يعطيك أجر دعوتهم، يقال: أَجَره الله أَجْرًا، من باب قَتَلَ، ومن باب ضَرَب لغة بني كعب، وآجره بالمدّ لغة ثالثة: إذا أثابه (٢).

وهذا الحديث يفسّره، ويوضّحه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا"، رواه مسلم.

قال أبو ذرّ: (فَأَتَيْتُ أُنَيْسًا) أخاه، (فَقَالَ) أنيس: (مَا صَنَعْتَ؟ قُلْتُ: صَنَعْتُ أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، وَصَدَّقْتُ) النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بما جاء به من عند الله تعالى. (قَالَ) أُنيس: (مَا) نافية، (بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكَ)؛ أي: ما أكره دينك الذي جئت به من عند النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن رغب إذا تعدّى بـ "عن" يكون بمعنى عدم إرادة الشيء، وإذا تعدّى بـ "في" يكون بمعنى إرادة الشيء، قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللهُ-: رَغِبْتُ في الشيء، ورَغِبْتُهُ يتعدى بنفسه أيضًا: إذا أردته، رَغْبًا، بفتح الغين، وسكونها، ورُغْبَى، بفتح الراء، وضمّها، ورَغْبَاءُ، بالفتح، والمدّ، ورَغِبْتَ، عنه: إذا لم تُرِدْه. انتهى (٣).

(فَإِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، وَصَدَّقْتُ، فَأَتَيْنَا أُمَّنَا) تقدّم أنها رملة بنت الوقيعة، (فَقَالَتْ: مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكُمَا)؛ أي: لا أكرهه، بل أدخل فيه، (فَإِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، وَصَدَّقْتُ، فَاحْتَمَلْنَا) مبالغة الحمل؛ أي: حملنا، أنفسنا، وأمتعتنا، وكلّ ما كان معنا على إبلنا، ثم سافرنا.

وأخرج ابن سعد من طريق الواقديّ: أن أبا ذرّ "جاء إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -،


(١) "شرح النوويّ" ١٦/ ٣١.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٨١.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ٢٣١.