للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ) الصدِّيق - رضي الله عنه -: (يَا رَسُولَ اللهِ ائْذَنْ لِي فِي طَعَامِه)؛ أي: إطعامه الطعام (اللَّيْلَةَ) منصوب على الظرفيّة؛ أي: في هذه الليلة، (فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَبُو بَكْرٍ) - رضي الله عنه - (وَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، فَفَتَحَ أَبُو بَكْرٍ بَابًا، فَجَعَلَ يَقْبِضُ لَنَا مِنْ زَبِيبِ الطَّائِف، وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ طَعَامٍ أَكَلْتُهُ بِهَا)؛ أي: بمكة، (ثُمَّ غَبَرْتُ مَا غَبَرْتُ)؛ أي: بقِيتُ ما بقيت بهذه الحالة، وقد تقدّم أن "غَبَر" من الأضداد، قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللهُ-: غَبَر غُبُورًا، من باب قَعَد: بقي، وقد يُستعمل فيما مضى أيضًا، فيكون من الأضداد، وقال الزُّبيديّ: غَبَر غُبُورًا: مكَثَ، وفي لغة بالمهملة للماضي، وبالمعجمة للباقي. انتهى (١).

(ثُمَّ أتيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("إِنَّهُ) الضمير للشأن، وهو الذي تفسّره جملة بعده، كما قال ابن مالك -رَحِمَهُ اللهُ- في "الكافية":

وَمُضْمَرُ الشَّأْنِ ضمِيرٌ فُسِّرَا … بِجُمْلَةٍ كَـ "إِنَّهُ زَيْدٌ سَرَى"

(قَدْ وُجِّهَتْ لِي أَرْضٌ) ببناء الفعل للمفعول؛ أي: أُريت جهتها بالوحي، (ذَاتُ نَخْلٍ) صفة لـ "أرض(لَا أُرَاهَا) بضمّ الهمزة، وفتحها؛ أي: لا أظنّ تلك الأرض (إِلَّا يَثْرِبَ)؛ يعني: المدينة؛ والمعنى: أنه - صلى الله عليه وسلم - أُري دار هجرته أرضًا ذات نخل من غير أن تُسمّى له في الوحي، ولكنه فَهِمَ أنه أرض يثرب، وهذا اسمها الجاهليّ، قال في "المشارق": يثرب: اسم مدينة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بثاء مثلّثة، وراء مكسورة، وقد غَيّر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك، فسمّاها طابة، وطَيْبة، كراهةً لِمَا في يثرب من التثريب، وقيل: سُمّيت يثرب بأرض بها، تُسَمَّى كذلك المدينة بناحية منها. انتهى (٢).

وقال الفيّوميّ: ثَرَبَ عليه يَثْرِبُ، من باب ضرب: عَتَبَ، ولام، وبالمضارع بياء الغائب سُمِّي رجل من العمالقة، وهو الذي بنى مدينة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فسُميت المدينة باسمه، قاله السهيليّ. انتهى (٣).

وقال النوويّ: "لا أراها إلا يثرب" وهذا كان قبل تسمية المدينة طابة، وطيبة، وقد جاء بعد ذلك حديث في النهي عن تسميتها يثرب، أو أنه سمّاها


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٤٢.
(٢) "مشارق الأنوار" ٢/ ٣٠٦.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ٥.