الزهريّ؛ "وأنا أتخوف أن تُفْتَن في دينها"؛ يعني: أنها لا تصبر على الغيرة، فيقع منها في حقّ زوجها في حال الغضب ما لا يليق بحالها في الدِّين.
وفي رواية شعيب:"وأنا أكره أن يسوءها"؛ أي: تزويج غيرها عليها، وفي رواية مسلم الآتية من هذا الوجه:"أن يفتنوها"، وهي بمعنى أن تُفْتَن.
(وَيُؤْذَينِي مَا آذَاهَا") في رواية أبي حنظلة: "فمن آذاها فقد آذاني"، وفي حديث عبد الله بن الزبير: "يؤذيني ما آذاها، وينصبني ما أنصبها"، وهو بنون، وصاد مهملة، وموحّدة، من النّصَب، بفتحتين، وهو التعب، وفي رواية عبيد الله بن أبي رافع، عن المسور: "يَقبضني ما يقبضها، ويبسطني ما يبسطها"، أخرجها الحاكم (١).
وقال النوويّ -رحمه الله-: قوله: "يريبني" بفتح الياء، قال إبراهيم الحربي: الريب ما رابك من شيء، خِفت عقباه، وقال الفراء: راب، وأراب بمعنى، وقال أبو زيد: رابني الأمر: تيقنت منه الريبة، وأرابني: شكّكني، وأوهمني، وحُكي عن أبي زيد أيضًا وغيره كقول الفراء، قال العلماء: في هذا الحديث تحريم إيذاء النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بكل حال، وعلى كل وجه، وإن تولَّد ذلك الإيذاء مما كان أصله مباحًا، وهو حيّ، وهذا بخلاف غيره، قالوا: وقد أعلم -صلى الله عليه وسلم- بإباحة نكاح بنت أبي جهل لعليّ بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لست أحرّم حلالًا"، ولكن نهى عن الجمع بينهما؛ لعلتين منصوصتين، إحداهما: أن ذلك يؤدي إلى أذى فاطمة، فيتأذى حينئذ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فيهلك من آذاه، فنَهَى عن ذلك؛ لكمال شفقته على عليّ، وعلى فاطمة.
والثانية: خوف الفتنة عليها بسبب الغيرة، وقيل: ليس المراد به النهي عن جَمْعهما، بل معناه: أَعْلَم من فضل الله أنهما لا تجتمعان، كما قال أنس بن النضر: والله لا تُكسر ثنية الرُّبَيِّع، ويَحْتَمِل أن المراد تحريم جَمْعهما، ويكون معنى: "لا أحرّم حلالًا"؛ أي: لا أقول شيئًا يخالف حكم الله، فإذا أحل شيئًا لم أحرمه، وإذا حرّمه لم أحلله، ولم أسكت عن تحريمه؛ لأن سكوتي تحليل