للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأصلها سَرَة، وهو: الجيد. وأنشد غير أبي عبيد للعجاج [من الرجز]:

ونَسَجَتْ لَوَامِعُ الْحَرُورِ … سَبَائِبًا كَسَرَقِ الْحَرير

والسَّبائب -بالهمز والباء-: هي ما رَقَّ من الثياب كالْخُمُر، ونحوها. قال المهلَّب: السَّرَقَةُ: كالكِلَّة والبرقع، والأول: هو المعروف، وفيه دليل على أن للرؤيا ملَكًا يمثّل الصور في النوم، كما قد حكيناه عن بعض العلماء. انتهى (١).

وقوله: (مِنْ حَرِيرٍ) تأكيد؛ كقوله: {أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} [الكهف: ٣١]، والأساور لا تكون إلا من ذهب، وإن كان من فضة تسمى قُلْبًا، وإن كانت من قرون أو عاج تسمى مُسْكة، قاله في "العمدة" (٢).

(فَيَقُولُ) ذلك الملَك: (هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَأَكْشِفُ عَنْ وَجْهِكِ) عبّر بصيغة المضارع استحضارًا لصورة الحال، (فَإِذَا أَنْتِ هِيَ) "إذا" هنا هي الفجائيّة؛ أي: ففاجأني وجودك، قال القرطبيّ؛ أي: إنه رآها في النوم كما رأها في اليقظة، فكان المراد بالرؤيا ظاهرها. انتهى (٣).

(فَأَقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ) وفي بعض النسخ: "إن يك من عند الله"، (يُمْضِهِ") بضمّ أوله، من الإمضاء، وهو مجزوم؛ لأنه جواب الشرط؛ أي: يُنَفِّذه، ويكمله (٤).

قال الكرمانيّ: يَحْتَمِل أن تكون هذه الرؤيا قبل النبوة، وأن تكون بعدها، وبعد العِلم، فإن رؤياه وحي، فعبَّر عما عَلِمه بلفظ الشك، ومعناه اليقين؛ إشارةً إلى أنه لا دَخْل له فيه، وليس ذلك باختياره، وفي قدرته. انتهى.

قال في "العمدة": "بيَّن حماد بن سلمة في روايته المراد، ولفظه: "أُتيت بجارية في سرقة من حرير، بعد وفاة خديجة، فكشفتها، فإذا هي أنت"، وهذا يدفع الاحتمال الذي ذكره الكرمانيّ" (٥).

وقال في "الفتح": قال عياض: يَحْتَمِل أن يكون ذلك قبل البعثة، فلا إشكال فيه، وإن كان بعدها ففيه ثلاث احتمالات:


(١) "المفهم" ٦/ ٣٢١.
(٢) "عمدة القاري" ٢٤/ ١٥٠.
(٣) "المفهم" ٦/ ٣٢٢.
(٤) "عمدة القاري" ٢٤/ ١٥٠.
(٥) "عمدة القاري" ٢٤/ ١٥٠.