للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يفري على عمله. انتهى (١).

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "يفري فريه": الرواية المشهورة بكسر الراء وتشديد الياء، ويُروَى بتسكين الراء، وتخفيف الياء، وأنكر الخليل التثقيل، وغلَّط قائله، ومعناه: يعمل عمله، ويقوى قوّته، وأصل الفري: القطع، يقال: فلان يفري الفري؛ أي: يعمل العمل البالغ، ومنه قوله تعالى: {لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا} [مريم: ٢٧]؛ أي: عظيمًا بالغًا في فنِّه، يقال: فَرَيتُ الأديمَ: إذا قطعته على جهة الإصلاح، وأفريته: إذا قطعته على جهة الإفساد. انتهى (٢).

وقال النوويّ رحمه الله: أما "يفري" فبفتحِ الياء، وإسكان الفاء، وكسر الراء، وأما "فريه"، فرُويَ بوجهين: أحدهما: "فرْيه" بإسكان الراء، وتخفيف الياء، والثانية: كسر الراء، وتشديد الياء، وهما لغتان صحيحتان، وأنكر الخليل التشديد، وقال: هو غلط، واتفقوا على أن معناه: لم أر سيِّدًا يَعمل عمله، ويقطع قَطْعه، وأصل الفري بالإسكان: القطع، يقال: فريتُ الشيءَ أَفْرِيه فَرْيًا: قطعته للإصلاح، فهو مَفْريّ، وفَرِيٌّ، وأفريته: إذا شققته على جهة الإفساد، وتقول العرب: تركته يَفري الفَرْيَ إذا عَمِل العمل، فأجاده، ومنه حديث حسان -رضي الله عنه-: "لأفرينّهم فَرْيَ الأَدِيم"؛ أي: أقطعهم بالهجاء، كما يُقْطَع الأديم. انتهى (٣).

(حَتَّى رَوِيَ النَّاسُ) بكسر الواو، وفتح الياء: فعل ماض، ومضارعه يَرْوَى -بفتح الواو- من الرِّيّ: وهو الامتلاء من الشراب، ومعناه: أنهم رَوُوا في أنفسهم، وقوله: (وَضَرَبُوا الْعَطَنَ")، وفي بعض النسخ: "وضربوا بعطن أي: رَوَوْا إبلهم، وأصله أنهم يسقون الإبل، ثم يُعطنونها؛ أي: يتركونها حول الحياض؛ لتستريح، ثم يعيدون شربها.

وقال في "الفتح": قوله: "حتى ضرب الناس بعطن" بفتح المهملتين، وآخره نون: هو ما يُعَدّ للشرب حول البئر، من مَبَارك الإبل، والمراد بقوله: "ضَرَبَ"؛ أي: ضَرَبت الإبلُ بعطن بركت، والعطن للإبل؛ كالوطن للناس،


(١) "عمدة القاري" ١٦/ ١٥٩.
(٢) "المفهم" ٦/ ٢٥٥ - ٢٥٦.
(٣) "شرح النوويّ" ١٥/ ١٦٢.