للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال الحافظ: ولم أقف على صحة هذه الرواية، وجزم الكرماني بأنها ليست محفوظة، وحكى القاضي عن رواية لأبي ذَرّ: "أَرَبَ" بفتح الجميع، وقال: لا وجه له، قال الحافظ: وقعت في "الأدب" من طريق الكشميهني وحده. انتهى (١).

(قَالَ) الراوي (فَأَعَادَ) الأعرابي سؤاله (فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "تَعْبُدُ اللهَ) أي توحّده، وهو بتقدير حرف مصدريّ، كما في قوله عز وجل: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} [الروم: ٢٤]، وقولِ الشاعر [من الطويل]:

أَلَا أَيُّهَا الزَّاجِرِي أَحْضُرُ الْوَغَى … وَأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ هَلْ أَنْتَ مُخْلِدِي

أو الفعل منزّل منزِلَة المصدر، كقوله: "تسمع بالمعيديّ خيرٌ من أن تَرَاه"، أو الخبر بمعنى الأمر، أي: اعبد الله.

والعبادة يحتمل أن تكون بمعنى التوحيد، فيكون قوله: "لا تشرك به شيئًا" تفسيرًا وتأكيدًا له، ويحتمل أن تكون بمعنى الطاعة مطلقًا، فتكون الجملة بعدها لبيان الإخلاص، وترك الرياء، وعلى هذا فعطف قوله: "وتقيم الصلاة … إلخ" تخصيصٌ بعد التعميم.

وقال العينيّ رحمه الله تعالى: قوله: "تعبد الله" أي توحّده، وفسّره بقوله: "لا تشرك به شيئًا قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)} [الذاريات: ٥٦]، أي ليوحّدوني.

والتحقيق هنا أن العبادة: الطاعة مع الخضوع، فيحتمل أن يكون المراد بالعبادة هنا معرفة الله تعالى، والإقرار بوحدانيّته، فعلى هذا يكون عطف الصلاة وما بعدها لإدخالها في الإسلام، وإنما لم تكن دخلت في العبادة، ويحتمل أن يكون المراد بالعبادة مطلق الطاعة، فيدخل جميع وظائف الإسلام فيها، فعلى هذا يكون عطف الصلاة وما بعدها من باب عطف الخاصّ على العام؛ تنبيهًا على شرف هذه الأشياء، ومزيّتها.

وقوله: (لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا) جملة في محلّ نصب على الحال من فاعل "تعبُد"، وإنما أتى به بعد ذكر العبادة؛ لأن عبادة الكفّار كانت مع عبادة الأوثان والأصنام، يزعمون أنها شركاء، فنفى ذلك.


(١) "الفتح" ٣/ ٣١١.