للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ) أي تديم فعلها، وتحافظ عليها على الوجه المطلوب، قال الراغب الأصبهانيّ رحمه الله تعالى: إقامة الشيء: إدامة فعله، والمحافظة عليه، وتوفيةُ حقّه، قال الله تعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} [المائدة: ٦٨]، أي: توفّون حقوقهما بالعلم والعمل، وكذلك قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} الآية [المائدة: ٦٦]، ولم يأمر الله تعالى بالصلاة حيثما أمر، ولا مَدَح حيثما مَدَح إلا بلفظ الإقامة؛ تنبيهًا أن المقصود منها توفية شرائطها، لا الإتيان بهيئتها، نحو قوله تعالى: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [الأنعام: ٧٢] في غير موضع، {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ} [النساء: ١٦٢]. انتهى كلام الراغب (١).

والمراد بالصلاة المكتوبةُ؛ لما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الآتي: "وتقيم الصلاة المكتوبة".

(وَتُوْتِي الزَّكَاةَ) أي تُعطي الزكاة مستحقّها، فالمفعول الثاني محذوف، والمراد بالزكاة المفروضةُ؛ لما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الآتي: "وتؤدّي الزكاة المفروضة".

(وَتَصِلُ الرَّحِمَ) من وَصَلَ يَصِلُ صِلَةً، من باب وَعَدَ، ومعنى صِلَة الرحم: مشاركة ذوي القربي في الخيرات. قاله في "العمدة" (٢).

وقال في "الفتح": قوله: "تَصِل الرحم": أي تُوَاسِي ذوي القرابة في الخيرات، وقال النووي: معناه أن تحسن إلى أقاربك، ذَوِي رَحِمِك بما تيسر على حسب حالك وحالهم، من إنفاقٍ، أو سَلام، أو زيارة، أو طاعة، أو غير ذلك، وخص هذه الخصلة من بين خلال الخير؛ نظرًا إلى حال السائل، كأنه كان لا يصِلُ رحمه، فأمره به: لأنه المهم بالنسبة إليه، ويؤخذ منه تخصيص بعض الأعمال بالحضّ عليها، بحسب حال المخاطب، وافتقاره للتنبيه عليها أكثر مما سواها، إما لمشقتها عليه، وإما لتساهله في أمرها (٣).

(دَعِ النَّاقَةَ) أي: اتركها، وإنما قال له ذلك لأنه كان ممسكًا بخطامها؛ ليتمكّن من سؤاله بلا مشقّة، فلما حصل له جواب سؤاله قال له: دعها.


(١) "مفردات القرآن" ص ٦٩٢ - ٦٩٣.
(٢) "عمدة القاري" ٨/ ٢٤٠.
(٣) "الفتح" ٣/ ٣١١.