للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: ٥٢] وتُطلق على التوفيق للطاعة وتيسيرها، كما في قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)} [الفاتحة: ٦]، وقوله: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: ٥٦]، وهذا المعنى هو المراد هنا، والله تعالى أعلم.

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (كَيْفَ قُلْتَ؟)، إنما سأله تعجّبًا بما سأل، وتعجيبًا للحاضرين، ويحتمل أنه لم يسمعه تمام السماع.

وفي رواية البخاريّ: "قال: ما له، ما له؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَرَبٌ مَا له".

قال في "الفتح": كذا في هذه الرواية لم يُذكَر فاعل "قال: ما له ما له؟ "، وفي رواية بَهْز المعلقة هنا الموصولة في كتاب "الأدب" قال القوم: ما له ما له؟ قال ابن بطال: هو استفهام، والتكرار للتأكيد.

وقوله: "أَرَبٌ" - بفتح الهمزة والراء، منونًا - أي حاجة، وهو مبتدأ، وخبره محذوف، استفهم أوّلًا، ثم رجع إلى نفسه، فقال: "له أَرَبٌ". انتهى.

وهذا بناءٌ على أن فاعل "قال" النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وليس كذلك؛ لما بَيّناه، بل المستفهم الصحابة، والمجيب النبي - صلى الله عليه وسلم -، و"ما" زائدة، كأنه قال: له حاجةٌ مَا.

وقال ابن الجوزيّ: المعنى له حاجةٌ مهمة مفيدةٌ، جاءت به؛ لأن قد عَلِمَ بالسؤال أن له حاجةً.

وَرُوِيَ بكسر الراء، وفتح الموحدة، بلفظ الفعل الماضي وظاهره الدعاء، والمعنى التعجب من السائل، وقال النضر بن شُمَيل: يقال: أَرِبَ الرجلُ في الأمر: إذا بلغ فيه جهده، وقال الأصمعيّ: "أَرِبَ في الشيء: صار ماهرًا فيه، فهو أريب، وكأنه تعجب من حسن فطنته، والتهدي إلى موضع حاجته، ويؤيده قوله في رواية مسلم هذه، بلفظ: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لقد وُفّق، أو لقد هُدِي".

وقال ابن قتيبة: قوله: "أَرِبَ" من الآراب، وهي الأعضاء، أي سقطت أعضاؤه، وأصيب بها، كما يقال: تَرِبَت يمينك، وهو مما جاء بصيغة الدعاء، ولا يراد حقيقته.

وقيل لَمّا رأى الرجل يزاحمه، دعا عليه، لكن دعاؤه على المؤمن طُهْرٌ له، كما ثبت في الصحيح.

ورُوِي بفتح أوله، وكسر الراء، والتنوين: أي هو أَرِبٌ، أي حاذقٌ، فَطِنٌ،