الباقلانيّ، ولكنهما اختلفا في التفضيل: أهو قطعيّ، أو ظنيّ؟ فالذي مال إليه الأشعري الأول، والذي مال إليه الباقلانيّ، واختاره إمام الحرمين في "الإرشاد" الثاني.
وقيل: بالتوقّف عن تفضيل أحدهما على الآخر، وروي عن مالك، ففي "المدونة" أنه سئل: أيُّ الناس أفضل بعد نبيّهم؟ فقال: أبو بكر، ثم عمر، ثم قال: أوَ في ذلك شك؟ قيل له: فعليّ وعثمان؟ قال: ما أدركت أحدًا ممن أقتدي به يفضّل أحدهما على صاحبه، ونرى الكفّ عن ذلك، وتبعه جماعة، منهم يحيى القطان، ومن المتأخرين ابن حزم.
لكن قد حكى عياض أيضًا قولًا عن مالك بالرجوع عن الوقف إلى تفضيل عثمان، قال القرطبيّ: وهو الأصح -إن شاء الله- قال عياض: ويَحتمل أن يكون كفّه وكفّ من اقتدى به لِمَا كان شجر في ذلك من الاختلاف والتعصب، بل حكى المازريّ قولًا بالإمساك عن التفضيل مطلقًا، وعزاه الخطابي لقوم، وحكى هو قولًا آخر بتقديم أبي بكر من جهة الصحبة، وعليّ من جهة القرابة.
وقيل غير ذلك من الأقوال الساقطة، قال السخاويّ بعد ذكرها: وكلُّ هذا مردود بما تقدم من حكاية إجماع الصحابة، والتابعين على أفضلية أبي بكر، وعمر على سائر الصحابة، ثم عثمان، ثم عليّ، وهو المذكور في المجامع، والمشاهد، وعلى المنابر، ولبعضهم:
ولذا قال الحافظ عقب القول بتفضيل عمر؛ تمسكًا بالحديث في المنام الذي فيه في حقّ أبي بكر:"وفي نزعه ضعف" ما نصه: وهو تمسُّك واهٍ، وعقّب القول بتفضيل العباس أنه مرغوب عنه، ليس قائله من أهل السُّنَّة، بل ولا من أهل الإيمان.
وقال النوويّ عَقِب آخرها: وهذا الإطلاق غير مرضيّ، ولا مقبول.
وقد روى البيهقيّ في "الدلائل" وغيره من طريق ابن سيرين قال: ذَكَر رجال على عهد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عمر، فكأنهم فضّلوه على أبي بكر، فبلغ ذلك عمر،