للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وروى الخطابي عن الثوريّ حكايته عن أهل السُّنَّة من أهل الكوفة، وأن أهل السُّنَّة من أهل البصرة على الأول، فقيل للثوريّ: فما تقول أنت؟ قال: أنا رجل كوفيّ، ثم قال الخطابيّ: لكن قد ثبت عن الثوريّ في آخر قوليه تقديم عثمان، زاد غيره: ونُقِل مثله عن صاحبه وكيع.

قال ابن كثير: وهذا المذهب ضعيف مردود، وإن نصره ابن خزيمة، والخطابيّ، وقد قال الدارقطنيّ: من قَدَّم عليًّا على عثمان فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار، قال السخاويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: وصدق -رَحِمَهُ اللهُ-، وأكرم مثواه، فإن عمر -رضي الله عنه- لَمّا جعل الأمر من بعده شورى بين ستة، انحصر في عثمان وعليّ، فاجتهد فيهما عبد الرحمن بن عوف ثلاثة أيام بلياليها، حتى سأل النساء في خدورها، والصبيان في المكاتب، فلم يرهم يعدِلون بعثمان أحدًا، فقدّمه على عليّ، وولاه الأمر قبله.

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: كنا في زمان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لا نعدل بأبي بكر أحدًا، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا نفاضل بينهم.

وفي لفظ للترمذيّ، وقال: إنه صحيح غريب: "كنا نقول، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيّ: أبو بكر، وعمر، وعثمان".

وفي آخر عند الطبرانيّ وغيره، مما هو أصرح، مع ما فيه من اطّلاعه -صلى الله عليه وسلم-: "كنا نقول، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيّ: أفضل هذه الأمة بعد نبيّها أبو بكر، وعمر، وعثمان، فيَسمع ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلا ينكره".

قال الخطابيّ: وجه ذلك أنه أراد به الشيوخ، وذوي الأسنان منهم، الذين كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا حَزَبه أمر شاورهم فيه، وكان عليّ في زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديث السنّ، ولم يُرِد ابن عمر الإزراء بعليّ، ولا تأخيره، ودَفْعه عن الفضيلة بعد عثمان، ففضله مشهور، لا ينكره ابن عمر، ولا غيره من الصحابة، وإنما اختلفوا في تقديم عثمان عليه. انتهى.

وإلى القول بتفضيل عثمان ذهب الشافعيّ، وأحمد، كما رواه البيهقيّ في "اعتقاده" عنهما، وحكاه الشافعيّ عن إجماع الصحابة والتابعين، وهو المشهور عن مالك، والثوريّ، وكافة أئمة الحديث، والفقه، وكثير من المتكلمين، كما قال القاضي عياض، وإليه ذهب أبو الحسن الأشعريّ، والقاضي أبو بكر