للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فقال: والله وددت لو أتى عملي كله مثل عمله يومًا واحدًا من أيامه، وليلةً واحدة من لياليه، أما ليلته فذكر قصّة الغار، وأما يومه فذكر الردّة.

وثبت عن عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- كما في "صحيح البخاريّ" وغيره أنه قال: "خير الناس بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبو بكر، ثم عمر، ثم رجل آخر، فقال له ابنه محمد ابن الحنفية: ثم أنت يا أبة؟ فقال: ما أنا إلا رجل من المسلمين"، ولأجل هذا قال أبو الأزهر: سمعت عبد الرزاق يقول: أُفَضِّل الشيخين بتفضيل عليّ إياهما على نفسه، ولو لم يفضّلهما ما فضّلتهما، كَفَى بي إزراءً أن أُحبّ عليًّا، ثم أخالف قوله.

ولا يَخدِش (١) في ذلك ما أخرجه الترمذيّ، وقال: إنه حسن صحيح، وصححه ابن حبان وغيره، من حديث أبي قلابة، عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أُبَيّ، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل".

وكذا ما أخرجه الترمذيّ أيضًا، والنسائيّ، وابن ماجه، وغيرهم، من حديث حُبْشيّ بن جُنادة -رضي الله عنه- مرفوعًا: "عليّ مني، وأنا من عليّ، لا يؤدي عني إلا أنا، أو عليّ".

لأن ما انفرد به الصديق -رضي الله عنه- أعلى، وأغلى، وأشمل، وأكمل، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء (٢)، والله تعالى أعلم.

ثم يلي الخلفاء الأربعةَ المذكورين في الفضل الستةُ الباقون من العشرة الذين بشّرهم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالجنة، وهم: طلحة، والزبير، وسعد، وسعيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم أجمعين، وقد نظمهم الحافظ مع الأربعة، فقال [من الطويل]:

لَقَدْ بَشَّرَ الْهَادِي مِنَ الصَّحْبِ زُمْرَةً … بِجَنَّاتِ عَدْنٍ كُلُّهُمْ فَضْلُهُ اشْتَهَرْ

سَعِيدٌ زُبَيْرٌ سَعْدٌ طَلْحَةٌ عَامِر … أَبُو بَكْرٍ عُثْمَانُ بْنُ عَوْفٍ علي عمر


(١) من باب ضرب.
(٢) راجع: "فتح المغيث بشرح ألفيّة الحديث" ٤/ ٥٥ - ٦٣.