(اعلم): أن أفضلهم مطلقًا بإجماع أهل السُّنَّة أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-، بل هو أفضل الناس بعد الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- لأدلة يطول ذِكرها، منها قوله -صلى الله عليه وسلم- لأبي الدرداء، وقد رآه يمشي بين يديه:"يا أبا الدرداء تمشي أمام من هو خير منك في الدنيا والآخرة، ما طلعت الشمس، ولا غربت على أحد بعد النبيين أفضل من أبي بكر"(١).
[تنبيه]: مقتضى ما تقدّم في تعريف الصحابي يُلغز، فيقال: لنا صحابيّ أفضل من أبي بكر، وهو عيسى المسيح النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وإليه أشار التاج السبكيّ بقوله في قصيدته التي في أواخر "القواعد"[من البسيط]:
ثم يلي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بإجماع أهل السُّنَّة أيضًا، وممن حَكَى إجماعهم على ذلك أبو العباس القرطبيّ، فقال: ولم يَختلف في ذلك أحد من أئمة السلف، ولا الخلف، قال: ولا مبالاة بأقوال أهل التشيع، ولا أهل البدع.
وأسند البيهقي في "الاعتقاد" له عن الشافعيّ أنه أيضًا قال: ما اختَلَف أحد من الصحابة والتابعين في تفضيل أبي بكر وعمر، وتقديمهما على جميع الصحابة.
وكذا جاء عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه قال: من أدركت من الصحابة والتابعين لم يختلفوا في أبي بكر وعمر، وفَضْلهما، وقال مالك: أوَ في ذلك شكّ؟.
واختُلف بعده، فالأكثرون من أهل السُّنَّة على أن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- يلى، كما حكاه الخطابي وغيره عنهم، وأن ترتيبهم في الأفضلية كترتيبهم في الخلافة.
وقيل: عليّ -رضي الله عنه-، وإلى هذا القول ذهب أهل الكوفة، وجَمْع، كما قاله الخطابيّ، وابن خزيمة، وطائفة.
(١) حديث ضعيف، أخرجه أحمد في "فضائل الصحابة" بإسنادين ضعيفين.