للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وحال كونه (مُسْتَلْقِيًا عَلَى الْقَفَا) قال الفيّوميّ -رحمه الله-: القَفَا مقصورًا: مؤخر العنق، يُذَكَّر، ويؤنث، وجَمْعه على التذكير أَقْفِيَةٌ، وعلى التأنيث أَقْفَاءٌ، مثل أرجاء، قاله ابن السرّاج، وقد يُجمَع على قُفّيٍّ، والأصل مثل فُلُوس، وعن الأصمعيّ أنه سمع ثلاثَ أَقْفٍ، قال الزجاج: التذكير أغلب، وقال ابن السِّكِّيت: القَفَا مذكَّر، وقد يؤنث، وألفه واو، ولهذا يثنّى قَفَوَيْنِ. انتهى (١).

والمعنى: مباشرًا بظهره وقفاه الأرض، مستقبلًا بوجهه السماء؛ كالميت.

(أَوْ قَالَ) "أو" شكّ من الراوي؛ أي: أو قال: مستلقيًا (عَلَى حَلَاوَةِ الْقَفَا) هي: وسط القفا، ومعناه: لم يَمِل إلى أحد جانبيه، وهي بضم الحاء، وفَتْحها، وكَسْرها، أفصحها الضمّ، وممن حكى الكسر صاحب "نهاية الغريب"، ويقال أيضًا: حلاواء بفتح الحاء والمدّ في آخره، وحُلاوى بضم الحاء والقصر، وحكى أبو عبيد حَلْواء بالمدّ أيضًا (٢).

(قَالَ) موسى (السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَكَشَفَ) الخضر (الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ)، وفي رواية للبخاريّ: "فوجدا خضرًا على طنفسة خضراء على كبد البحر، مسجّى بثوبه، قد جعل طرفه تحت رجليه، وطرفه تحت رأسه، فسلّم عليه موسى، فكشف عن وجهه". (قَالَ) الخضر (وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ، مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ) موسى (أَنَا مُوسَى، قَالَ) الخضر (وَمَنْ مُوسَى؟) هذا دليل على أن الأنبياء لا يعلمون من الغيب إلا ما أعْلَمَهم الله -عز وجل-.

قال في "الفتح": وأما ما أخرجه عبد بن حميد من طريق الربيع بن أنس، في هذه القصّة: "فقال موسى: السلام عليك يا خضر، فقال: وعليك السلام يا موسى، قال: وما يدريك أني موسى؟ قال: أدراني بك الذي أدراك بي"، وهذا إن ثبت فهو من الحجج على أن الخضر نبيّ، لكن يُبعد ثبوته قوله في الرواية التي في "الصحيح": "من أنت؟ قال: أنا موسى، قال: ومن موسى؟ قال: موسى بني إسرائيل" الحديث. انتهى (٣).


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٥١٢.
(٢) "شرح النوويّ" ١٥/ ١٤٣، و"التكملة" ٥/ ٥٢.
(٣) "الفتح" ١٠/ ٣٢٨.