نَبْغِي)؛ أي: الذي كنّا نطلبه، فإنه علامة لنا على وجود من نطلبه، وهو الخضر. (فَارْتَدَّا)؛ أي: فرجعا (عَلَى آثَارِهِمَا)؛ أي: آثار سيرهما في الطريق الذي جاءا فيه، (قَصَصًا)؛ أي: يقصّان قصصًا؛ أي: يتبعان آثارهما اتّباعًا. (فَأَرَاهُ)؛ أي: فلما وصلا إلى الصخرة أرى يوشع موسى (مَكَانَ الْحُوتِ) الذي انسلّ من المكتل، فدخل البحر. (قَالَ) موسى (هَا هُنَا وُصِفَ لِي) بالبناء للمفعول؛ أي: في هذا المكان وَصَف الله تعالى وجود الخضر. (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (فَذَهَبَ) موسى (يَلْتَمِسُ)؛ أي: يطلب الخضر في البحر على طريق الحوت؛ لأنه بقي طاقًا غير ملتئم، (فَإِذَا هُوَ بِالْخَضِرِ)"إذا" هنا فجائيّة؛ أي: ففاجأه وجود الخضر، وفي رواية سفيان:"حتى انتهيا إلى الصخرة، فإذا رجلٌ"، وزعم الداودي أن هذه الرواية وَهَمٌ، وأنهما إنما وجداه في جزيرة البحر، قال الحافظ: قلت: ولا مغايرة بين الروايتين، فإن المراد أنهما لمّا انتهيا إلى الصخرة تتبّعاه إلى أن وجداه في الجزيرة، وروى ابن أبي حاتم من طريق الربيع بن أنس قال:"انجاب الماء عن مسلك الحوت، فصار كُوّةً، فدخلها موسى على أثر الحوت، فإذا هو بالخضر"، وروى ابن أبي حاتم من طريق العوفي، عن ابن عباس قال:"فرجع موسى حتى أتى الصخرة، فوجد الحوت، فجعل موسى يُقَدِّم عصاه، يفرج بها عنه الماء، ويتبع الحوت، وجعل الحوت لا يمس شيئًا من البحر، إلا يبس، حتى يصير صخرة، فجعل موسى يعجب من ذلك، حتى انتهى إلى جزيرة في البحر، فلقي الخضر"، ولابن أبي حاتم من طريق السُّدّيّ قال:"بلغنا عن ابن عباس أن موسى دعا ربه، ومعه ماء في سقاء يصب منه في البحر، فيصير حجرًا، فيأخذ فيه حتى انتهى إلى صخر، فصعدها، وهو يتشوّف، هل يرى الرجل، ثم رآه".
فوجده حال كونه (مُسَجًّى)؛ أي: مغَطّى، (ثَوْبًا)؛ أي: بثوب، وفي رواية عبد بن حميد قال:"رأى موسى الخضرَ على طنفسة خضراء، على وجه الماء"، والطنفسة: فَرْش صغير، وهي بكسر الطاء والفاء، بينهما نون ساكنة، وبضم الطاء والفاء، وبكسر الطاء، وبفتح الفاء لغات (١).