للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

السائل في حديث أبي أيوب هو نفسه، لقوله: "إن رجلًا"، والسائل في حديث أبي هريرة أعرابيّ آخر. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الجواب غير صحيح؛ لأن رواية مسلم هذه تبطله، فإنها بلفظ "أن أعربيًّا"، فكون المراد به أبا أيوب غير صحيح؛ لأنه لا يقول عن نفسه "أن أعرابيًّا"، فالظاهر أن السائل في حديث أبي أيوب، وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - واحد، وهو أعرابيّ، كما اتّضح في التنبيه السابق، فتأمله بالإنصاف. والله تعالى أعلم.

(عَرَضَ) من باب ضرب: أي ظهر، وبدا (لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَهُوَ فِي سَفَرٍ) جملة في محلّ نصب على الحال من "رسول الله" (فَأَخَذَ) أي ذلك الأعرابيّ (بِخِطَامِ نَاقَتِه، أَوْ) للشكّ من الراوي (بِزِمَامِهَا) "الخطام"، و"الزمام" - بكسر الخاء، والزاي - قال الهرويّ في "الغريبين"، قال الأزهريّ: الخِطام هو الذي يُخْطَم به البعير، وهو أن يؤخذ حبلٌ من لِيفٍ، أو شعر، أو كَتّان، فيُجعَل في أحد طرفيه حَلْقَةٌ يُسْلَك فيها الطرف الآخر، حتى يَصِير كالحلقة، ثم يُقَلَّد البعير، ثم يُثَنَّى على مِخْطَمِه، فإذا ضُفِّر من الأدَمِ فهو جَرِير، فأما الذي يُجعَل في الأنف دَقيقًا فهو الزّمَام، وقال صاحب "المطالع": الزِّمَام للإبل ما تُشَدّ به رؤوسها من حَبْل وسَيْرٍ، ونحوه، لتقاد به. انتهى (٢).

(ثُمَّ قَالَ) الأعرابيّ (يَا رَسُولَ الله، أَوْ) للشكّ من الراوي (يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنِي بِمَا يُقَرِّبُنِي) بتشديد الراء، من التقريب، أي بالعمل الذي إذا عملته يقرّبني (مِنْ الْجَنَّةِ) ويجعلني ممن يدخلها (وَمَا يُبَاعِدُنِي مِنْ النَّارِ) أي وبالعمل الذي يجعلني بعيدًا من النار (قَالَ) الراوي، وهو أبو أيوب - رضي الله عنه - (فَكَفَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -) أي: منع ناقته من السير: ليتمكّن من سماع سؤاله، وأن لا يتعدّاه دون الإجابة عما سأله (ثُمَّ نَظَرَ) - صلى الله عليه وسلم - (فِي) وجوه (أَصْحَابِهِ) - رضي الله عنهم -، تعجّبًا من حسن سؤاله، ووجازته، وبلاغته (ثُمَّ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (لَقَدْ وُفِّقَ) بالبناء للمفعول، يقال: وفّقه الله توفيقًا: إذا سَدَّدَه (٣)، وقال النوويّ رحمه الله تعالى: قال


(١) "الفتح" ٣/ ٣١٠.
(٢) "شرح النوويّ" ١/ ١٧٢.
(٣) "المصباح" ٢/ ٦٦٧.