للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والأموال، ومن أهمل شيئًا من الأسباب المعتادة، زاعمًا أنه متوكل، فقد غلط، فإنَّ التوكل لا يناقض التحرز، بل حقيقته لا تتم إلَّا لمن جمع بين الاجتهاد في العمل على سُنَّة الله، وبين التفويض إلى الله تعالي، كما فعل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. انتهى (١).

(فَهَبَّتْ) من باب قعد؛ أي: هاجت (رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَقَامَ رَجُلٌ) لا يُعرف اسمه. (فَحَمَلَتْهُ الرِّيحُ حَتَّى أَلْقَتْهُ بِجَبَلَيْ طَيِّئٍ)، وفي رواية الإسماعيليّ من طريق عفّان، عن وُهيب: "ولم يَقُم فيها أحدٌ غير رجلين، ألقتهما بجبل طي"، وفيه نظرٌ، بيَّنته رواية ابن إسحاق، ولفظه: "ففعل الناس ما أمرهم إلَّا رجلين، من بني ساعدة، خرج أحدهما لحاجته، وخرج آخر في طلب بعير له، فأما الذي ذهب لحاجته، فإنه خُنِق على مذهبه، وأما الذي ذهب في طلب بعيره فاحتملته الريح حتى طرحته بجبل طيّئ، فأُخبر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال: ألم أنهكم أن يخرج رجل إلا ومعه صاحب له؟ ثم دعا للذي أصيب على مذهبه، فَشُفي، وأما الآخر فإنه وصل إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين قَدِم من تبوك".

والمراد بجبلي طيئ المكان الذي كانت القبيلة المذكورة تنزله، واسم الجبلين المذكورين: "أَجَأَ" بهمزة، وجيم مفتوحتين، بعدهما همزة، بوزن قَمَر، وقد لا تهمز، فيكون بوزن عَصَا، و"سلمى"، وهما مشهوران، ويقال: إنهما سمّيا باسم رجل وامرأة من العماليق.

قال الحافظ: ولم أقف على اسم الرجلين المذكورين، وأظنّ تَرْك ذِكرهما وقع عمدًا، فقد وقع في آخر حديث ابن إسحاق أن عبد الله بن أبي بكر حدّثه أن العباس بن سهل سَمَّى الرجلين، ولكنه استكتمني إياهما، قال: وأبى عبد الله أن يسمِّيهما لنا. انتهى (٢).

(وَجَاءَ رَسُولُ ابْنِ الْعَلْمَاءِ) -بفتح العين المهملة، وسكون اللام، والمدّ- وهو تأنيث الأعلم، وهو المشقوق الشفة العليا، والأفلح: هو المشقوق الشفة السفلى. (صَاحِبِ أَيْلَةَ)؛ يعني به: مَلِكها.


(١) "المفهم" ٦/ ٥٨.
(٢) "الفتح" ٤/ ٣٣١ - ٣٣٢، كتاب "الزكاة" رقم (١٤٨١).