للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بالكَسْرِ، والمَصْدَرُ بالفَتْحِ، يُقَالُ: كَمْ خِرْصُ أَرْضِكَ؟ وكَمْ خِرْصُ نَخْلِكَ؟ وفَاعِلُ ذلِكَ الخَارِصُ، والجَمْعُ: الخُرّاصُ، وقال ابنُ شُمَيْلٍ: الخِرْصُ بالكَسْرِ: الحَزْرُ، مِثْل: عَلِمْتُ عِلْمًا، قالَ الأَزْهَرِيُّ: هذَا جَائِزٌ؛ لأَنَّ الاسْمَ يُوضَع مَوْضِعَ المَصْدَرِ. انتهى (١).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: فيه استحباب امتحان العالِم أصحابه بمثل هذا التمرين.

(فَخَرَصْنَاهَا)، ولم أقف على أسماء من خَرَص منهم، (وَخَرَصَهَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشْرَةَ أَوْسُقٍ) على وزن أَفْعُل بضم العين، جَمْع وَسْق بفتح الواو، وهو ستون صاعًا، وهو ثلاثمائة وعشرون رطلًا، عند أهل الحجاز، وأربعمائة وثمانون رطلًا عند أهل العراق، على اختلافهم في مقدار الصاع والمدّ، قاله في "العمدة" (٢).

(وَقَالَ) -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للمرأة ("أَحْصِيهَا)؛ أي: احفظي عدد كيلها، وأصل الإحصاء: العدد بالحصى؛ لأنهم كانوا لا يُحسنون الكتابة، فكانوا يضبطون العدد بالحصى. (حَتَّى نَرْجِعَ إِلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللهُ") قاله تبرّكًا، عملًا بقوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} الآية [الكهف: ٢٣، ٢٤]. (وَانْطَلَقْنَا)؛ أي: ذهبنا (حَتَّى قَدِمْنَا) بكسر الدال، (تَبُوكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "سَتَهُبُّ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَةَ)؛ أي: المستقبلة، (رِيحٌ شَدِيدَةٌ) قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: هذا من المعجزات الغيبية، وهي من معجزاته -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذات الكثرة، بحيث لا تحصي، يحصل بمجموعها العلم القطعيّ بأن النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يعلم كثيرًا من علم الغيب الذي لا يعلمه إلَّا الله، أو من ارتضاه من الرسل، فأطلعه الله عليه، والنبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد أطلعه الله عليه، فهو رسول من أفضل الرسل. انتهى (٣).

(فَلَا يَقُمْ فِيهَا أَحَدٌ مِنْكُمْ، فَمَنْ كَانَ لَهُ بَعِيرٌ فَلْيَشُدَّ عِقَالَهُ") بالكسر؛ أي: حَبْله، وفي رواية ابن إسحاق في "المغازي" عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن عباس بن سهل: "ولا يخرُجَنّ أحد منكم الليلةَ، إلَّا ومعه صاحب له".

قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: فيه دليل على الأخذ بالحزم، والحذر في النفوس،


(١) "تاج العروس" ١/ ٤٤٣١.
(٢) "عمدة القاري" ٩/ ٦٥.
(٣) "المفهم" ٦/ ٥٨.