للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

و"أيلة" -بفتح الهمزة، وسكون التحتانية، بعدها لام مفتوحة-: بلدة قديمة بساحل البحر، وإليها تُنسب عَقَبة أيلة. (إِلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكِتَابٍ) وفي مغازي ابن إسحاق: ولمّا انتهى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى تبوك أتاه يُوحَنّا بن رُوبة، صاحب أيلة، فصالح رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأعطاه الجزية، وكذا رواه إبراهيم الحربيّ في الهدايا، من حديث عليّ -رضي الله عنه-، فاستفيد من ذلك اسمه، واسم أبيه، فلعل الْعَلْماء اسم أمه، و"يوحَنّا" بضم التحتانية، وفتح المهملة، وتشديد النون، و"روبة" بضم الراء، وسكون الواو، بعدها موحّدة.

(وَأَهْدَى) ابن الْعَلْماء صاحب أيلة (لَهُ) -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (بَغْلَةً بَيْضَاءَ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: هذه البغلة هي دُلْدُل بغلة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "المعروفة، لكن ظاهر لفظه هنا أنه أهداها للنبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في غزوة تبوك، وقد كانت غزوة تبوك سنة تسع من الهجرة، وقد كانت هذه البغلة عند رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبل ذلك، وحضر عليها غَزاة حُنين، كما هو مشهور في الأحاديث الصحيحة، وكانت حُنين عقب فتح مكة سنة ثمان، قال القاضي: ولم يُرْوَ أنه كان للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بغلة غيرها، قال: فيُحْمَل قوله على أنَّه أهداها له قبل ذلك، وقد عَطَف الإهداء على المجيء بالواو، وهي لا تقتضي الترتيب، والله أعلم. انتهى (١).

وتعقّب في "الفتح" كلام النوويّ هذا، فقال: هكذا جزم النوويّ، ونَقَل عن العُلَماء أنه لا يُعْرَف له بغلة سواها، وتُعُقّب بأن الحاكم أخرج في "المستدرك" عن ابن عباس أن كسرى أهدى للنبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بغلةً، فركبها بحبل من شعر، ثم أردفني خلفه … الحديث، وهذه غير دُلْدُل، ويقال: إن النجاشيّ أهدى له بغلةً، وأن صاحب دُومة الْجَنْدَل أهدى له بغلةً، وأن دُلْدُل إنما أهداها له الْمُقَوْقِس، وذكر السهيليّ أن التي كانت تحته يوم حنين تُسَمَّى فِضّةً، وكانت شهباء، ووقع عند مسلم في هذه البغلة أن فَرْوَة أهداها له. انتهى.

(فَكَتَبَ إِلَيْهِ)، أي: إلى ابن العَلْماء صاحبِ أيلة، (رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ذَكَر ابن إسحاق نصّ الكتاب، وهو بعد البسملة: "هذه أَمَنَةٌ من الله، ومحمد النبيّ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيُوحَنّا بن رُوبة، وأهل أيلة، سُفُنهم وسيارتهم، في البر،


(١) "شرح النوويّ" ١٥/ ٤٣ - ٤٤.