للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ويُرَى له بَصِيصٌ، أو شيء من بصيص، وعلى الرواية الأولى الناسُ. انتهى (١).

(قَالَ) معاذ (فَسَأَلَهُمَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "هَلْ مَسَسْتُمَا) تقدّم أنه من باب تَعِبَ، وقَتَل، (مِنْ مَائِهَا شَيْئًا؟ "، قَالَا: نَعَمْ) قال الباجيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: لأنهما لم يعلما نهيه، أو حملاه على الكراهة، أو نسياه، إن كانا مؤمنين، وروى أبو بشر الدُّولابيّ أنهما كانا من المنافقين (٢). (فَسَبَّهُمَا)؛ أي: شتمهما (النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-) لإساءتهما بمخالفة نهيه عن مسّ مائها قبله، (وَقَالَ لَهُمَا مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُولَ)؛ أي: من التعنيف والتوبيخ.

قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: وسبُّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لهما يَحْتَمِل أن يكون: لأنهما كانا منافقين قصدا المخالفة، فصادف السبُّ محلَّه، ويَحْتَمِل أن كانا غير منافقين، ولم يعلما بنهي النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ويكون سبَّه لهما لم يصادف محلًّا، فيكون ذلك لهما رحمة، وزكاةً، كما قاله -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم من لعنته، أو سببته وليس لذلك بأهل، فاجعل ذلك له زكاة، ورحمة، وقربة تقرِّبه بها إليك يوم القيامة"، رواه مسلم.

(قَالَ) معاذ (ثُمَّ غَرَفُوا) بفتح الراء، وضمّها، من بابي ضرب، ونصر، يقال: غَرَف الماء يَغْرِفُهُ، بالكسر، ويَغْرُفه بالضمّ: أخذه بيده؛ كأغترفه، أفاده المجد -رَحِمَهُ اللهُ- (٣). (بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الْعَيْنِ)، وقوله: (قَلِيلًا قَلِيلًا) بالتكرار دليلٌ على نهاية القلة، (حَتَّى اجْتَمَعَ) الماء الذي غرفوه (فِي شَيْءٍ) من الأواني التي كانت معهم، قال الزرقانيّ: ولا قلب فيه، وأن أصله: غَرَفُوا في شيء حتى اجتمع ماء كثير، كما تُوُهِّم (٤). (قَالَ) معاذ (وَغَسَلَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِيهِ)؛ أي: في الماء الذي في الشيء (يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ)؛ أي: أعاد الماء الذي غسل فيه يديه ووجهه (فِيهَا)؛ أي: في تلك البئر، (فَجَرَتِ الْعَيْنُ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ) الكثير الانصباب والدفع، (أَوْ قَالَ: غَزِيرٍ -شَكَّ أَبُو عَلِيٍّ) الحنفيّ (أَيُّهُمَا قَالَ-) شيخه مالك بن أنس (حَتَّى اسْتَقَى النَّاسُ)، وفي بعض النسخ: "فاستقى الناس"؛ أي: شَرِبوا، وسَقَوا دوابهم، فهو إخبار عن كثرة الماء، وَهُمْ جيش كثير عددهم.


(١) "التمهيد" لابن عبد البرّ ١٢/ ٢٠٨.
(٢) "شرح الزرقانيّ" ١/ ٤١٥.
(٣) "القاموس المحيط" ص ٩٤٤.
(٤) "شرح الزرقانيّ" ١/ ٤١٦.