للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

التقاء الساكنين، وفَتْحها؛ للتخفيف، وعلى الثاني، يجوز فيه ثلاثة أوجه، الكسر، والفتح؛ لِمَا ذُكر، والضمّ؛ إتباعًا لضمّة العين. (مِنْ مَائِهَا شَيْئًا) قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: إنما نهاهم عن ذلك، ليظهر انفراده بالمعجزة، وتتحقق نِسبتها إليه، واختصاصه بها، فإنَّه إذا شاركه غيره في مسِّ مائها، لم يتمحض اختصاصه بها، ولذلك لمّا وجد الرجلين عليها؛ أمر أن يُغْرَف له من مائها، وكأنه كان أراد أن يباشر الماء، وهو في موضعه، لكن لمَّا سبقه غيره إليها، جمعوا له من مائها، فغسل فيه يديه ووجهه، ثم أمر أن يعاد ذلك الماء فيها، فلما فعلوا ذلك جاءت العين بماء منهمر، وسُمِع له حِسّ كحس الصواعق. انتهى (١).

(حَتَّى آتِيَ") بالمد؛ أي: أجيء، قال الباجيّ: وفيه أن للإمام المنع من الأمور العامة؛ كالماء، والكلأ؛ للمصلحة (٢). (فَجِئْنَاهَا، وَقَدْ سَبَقَنَا إِلَيْهَا رَجُلَانِ) لا يُعرفان. (وَالْعَيْنُ مِثْلُ الشِّرَاكِ) بكسر الشين المعجمة: سَيْرُ النعل الذي على ظهر القدم، والمراد: أن ماءها قليلٌ جدًّا، (تَبِضُّ بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ) قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: الرواية المشهورة: "تَبِضُّ" بالضاد المعجمة؛ أي: تسيل بماء قليل رقيق مثل شراك النعل، وقد رُوي بالصاد المهملة، وكذلك وقع في البخاريّ؛ أي: تبرق. يقال: بصَّ يبصُّ بصيصًا، ووَبَص يبص وبيصًا بمعناه. انتهى (٣).

وقال ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللهُ-: معنى قوله: "والعين تَبِضّ بشيء من ماء" أنها كانت تسيل بشيء من ماء ضعيف، قال حميد بن ثور [من الطويل]:

مُنَعَّمَةٍ لَوْ يُصْبِحُ الذَّرُّ سَارِيًا … عَلَى جِلْدِهَا بَضَّتْ مَدَارِجُهُ دَمَا

وتقول العرب للموضع حين يُنَدِّي: قد بَضَّ، وتقول: ماءٌ بَضَّ بقطرة، وهذه الرواية الصحيحة المشهورة في "الموطأ": "تَبِضُّ" بالضاد المنقوطة، ومن رواه بالصاد، وضمّ الباء، فمعناه: أنه كان يُضيء فيها شيء من الماء، وَيبْرُق،


(١) "المفهم" ٦/ ٥٤ - ٥٥.
(٢) "شرح الزرقانيّ على الموطّأ" ١/ ٤١٥.
(٣) "المفهم" ٦/ ٥٤ - ٥٥.