للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(ثُمَّ قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("يُوشِكُ)؛ أي: يقرب، ويُسرع من غير بطء، (يَا مُعَاذُ إِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ)؛ أي: إن أطال الله عمرك، ورأيت هذا المكان (أَنْ تَرَى) "أن" مصدريّة، والمصدر المؤوّل فاعل "يوشك(مَا) موصولة بمعنى الذي، (هَا هُنَا) إشارة للمكان، (قَدْ مُلِئَ) بالبناء للمفعول، (جِنَانًا") منصوب على التمييز، وهو بكسر الجيم، وتخفيف النون: جمع جنّة، وهي الحديقة، ذات الشجر، وقيل: ذات النخل، وتُجمع أيضًا على جنّات، على لفظها، قاله الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللهُ- (١)، وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "الْجِنَان": البستان، من النخل وغيره، سُمِّي بذلك، لأنه يَجُنّ أرضه، وما تحته، أي: يستر ذلك. انتهى (٢).

والمعنى: أنه يكثر ماؤه، ويُخصب أرضه، فيكون بساتين، ذات أشجار كثيرة، وثمار، قال الباجيّ: وهذا إخبار بغيب قد وقع، وخَصّ معاذًا -رضي الله عنه- بذلك، لأنه استوطن الشام، وبها مات، فعَلِم بالوحي أنه سيرى ذلك الموضع، كما ذَكَرَ، وأنه يمتلئ جِنانًا ببركته -صلى الله عليه وسلم-، ولو لم يكن له معجزة غير هذه لتبيّن صِدْقه، وظهرت حجته.

وقال ابن عبد البرّ: قال ابن وضاح: أنا رأيت ذلك الموضع كلّه حوالي تلك العين جِنانًا خَضِرةً نَضرةً، ولعله يتمادى إلى قيام الساعة، وهكذا النبوة، وأما الشجر فلا يبقى بعد مفارقة صاحبه. انتهى (٣)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث معاذ بن جبل -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٣/ ٥٩٣٢] (٧٠٦)، و (أبو داود) في "الصلاة" (١٢٠٦)، و (النسائيّ) في "المجتبى" (١/ ٢٨٥)، و (مالك) في "الموطّأ" (١/ ١٤٣)، و (الشافعيّ) في "مسنده" (١/ ١١٧)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه"


(١) "المصباح المنير" ١/ ١١٢.
(٢) "المفهم" ٦/ ٥٦.
(٣) "شرح الزرقانيّ" ١/ ٤١٦.