للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عصا موسى، وخاتم سليمان، فلا يبقى مؤمن إلا نَكَّتت في وجهه بعصا موسى نُكْتَةً بيضاء، فتفشو تلك النكتة حتى يبيض لها وجهه، ولا يبقى كافر إلا نَكَّتت في وجهه نكتةً سوداء بخاتم سليمان، فتفشو تلك النكتة حتى يَسْوَدّ بها وجهه، حتى إن الناس يتبايعون في الأسواق: بكم ذا يا مؤمن؟ بكم ذا يا كافر؟ وحتى إن أهل البيت يجلسون على مائدتهم، فيعرفون مؤمنهم من كافرهم، ثم تقول لهم الدابة: يا فلان أبْشر أنت من أهل الجنة، ويا فلان أنت من أهل النار، فذلك قول الله تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (٨٢)} [النمل: ٨٢].

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الحقّ أن هذه الدابّة هي دابّة تكلِّم الناس بكلام فصيح، كما أخبر الله تعالى بذلك، وأما ما سبق من هذه الآثار في صفتها، وكيفية خروجها، ومكانه، فلا يصحّ شيء من ذلك؛ لضعف أسانيدها، وكون أكثرها إسرائيليّات، فلا ينبغي الاعتماد عليها.

وأما ما قاله القرطبيّ في "تفسيره " من أن أصحّ الأقوال في تعيين الدابّة أنها فصيل ناقة صالح، واستشهد بما سبق من حديث حذيفة بن أَسِيد المتقدّم وفيه قوله: "وهي ترغو بين الركن والمقام"، قال: والرّغاء إنما هو للإبل، ففيه نظرٌ من وجوه:

(الأول): أن قوله: "والرغاء إنما هو للإبل " غير صحيح؛ لأنه يكون لغيرها أيضًا، قال في "القاموس": رَغَا البعيرُ، والضَّبُعُ، والنَّعَامُ رُغَاءً بالضمّ: صَوّتت، فضَجّت، والصبيّ: بَكَى أشدّ البُكاء. انتهى (١).

(والثاني): أن الحديث ليس فيه تصريح بكونه ولد ناقة صالح عليه السلام.

(والثالث): أن الحديث ضعيف، فلا يصحّ الاحتجاج به.

قال أبو العبّاس القرطبيّ رًحمه الله: وقد اختُلف في صورتها، وفي أيّ موضع تخرُج على أقوال كثيرة، وليس في شيء من ذلك خبرٌ صحيحٌ مرفوع. انتهى (٢). وهو كلام نفيسٌ.


(١) "القاموس المحيط" ص ١١٦٠.
(٢) راجع: "المفهم" ٧/ ٢٤٠ "كتاب الفتن".