للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والحاصل أن تعيين الدابّة، وصفتها، ومكان خروجها مما لا دليل عليه، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: قال أبو العبّاس القرطبي رحمه الله: قال بعض المتأخّرين من المفسّرين: الأقرب أن تكون هذه الدابّة إنسانًا متكلِّمًا، يناظر أهل البِدَع والكفر، ويُجادلهم لينقطعوا، فيَهلِك من هَلَك عن بيّنة، وَيحيَى من حَيَّ عن بيّنة.

قال القرطبيّ: وإنما كان هذا عند هذا القائل الأقرب؛ لقوله تعالى: {تُكَلِّمُهُمْ} [النمل: ٨٢]، وعلى هذا فلا يكون في هذه الدابّة آيةٌ خاصّة خارقة للعادة، ولا تكون من جملة العشر الآيات المذكورة في الحديث؛ لأن وجود المناظرين والمحتجّين على أهل البدع كثيرٌ، فلا آية خاصّة، فلا ينبغي أن تُذكَر مع العشر، وترتفع خصوصيّة وجودها.

ثم فيه العدولُ عن تسمية هذا الإنسان المناظر الفاضل العالم الذي يَحتجّ على أهل الأرض باسم الإنسان، أو بالعالم، أو بالإمام إلى أن يُسمَّى بدابّة، وهذا خروج عن عادة الفصحاء، وعن تعظيم العلماء، وليس ذلك دأب العقلاء، فالأولى ما قاله أهل التفسير - أي: من كونها دابّة من ذوات الأربع - قال: وأما كيفيّة صفتها وخلقتها، وبماذا يملّمهم، فالله أعلم بذلك. انتهى (١).

وهو تحقيقٌ نفيسٌ، وبحثٌ أنيسٌ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجَّاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال:

[٤٠٦] (١٥٩) - (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أيُّوبَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ، قَالَ ابْنُ أيُّوبَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيةَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ التَّيْمِيِّ، سَمِعَهُ - فِيمَا أَعْلَمُ - عَنْ أَبِيه، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يَوْمًا: "أَتَدْرُونَ أَيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ الشَّمْسُ؟ " قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "إِن هَذِهِ


(١) المصدر السابق.