مثله استحقه، أو يعفو الله، ووجوب اجتناب عَمَل هلك به قوم، قال: ويَحْتَمِل أن القُصّة لم تَفْشُ فيهم حتى أعلنوا بالكبائر، فكأن القُصّة علامة لا تكاد تظهر إلا في أهل الفسق، لا أنها فِعلة يستحق فاعلها الهلاك بها، دون أن يجامعها غيرها.
ويَحْتَمِل أن بني إسرائيل نُهُوا تحريمًا عن ذلك، فاتخذوه استخفافًا، فهلكوا.
قال: والذي منعوا منه جاء عن نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - مثله، كما في "الصحيحين، عن أبي هريرة وغيره، مرفوعًا: "لَعَن اللهُ الواصلة، والمستوصلة، والواشمة، والمستوشمة". انتهى ملخصًا.
٦ - (ومنها): ما في هذا الحديث دليل على أن شعر بني آدم طاهر، ألا ترى إلى تناول معاوية، وهو في الخطبة قُصّة الشعر، وعلى هذا أكثر العلماء، وقد كان الشافعيّ - رضي الله عنه - يقول: إن شعر بني آدم نجس؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما قُطِع من حيّ فهو ميت"، ثم رجع عن ذلك لهذا الحديث، وأشباهه، ولإجماعهم على الصوف من الحيّ أنه طاهر، وأما الصوف من الميتة فمختلَف فيه، قاله ابن عبد البرّ - رَحِمَهُ اللهُ - (١).
٧ - (ومنها): إباحة الكلام في الخطبة بالمواعظ، والسنن، وما أشبه ذلك، ولا خلاف بين العلماء في ذلك، واختلفوا في سائر الكلام في الخطبة للمأموم والإمام، نحو تشميت العاطس، وردّ السلام، وقد تقدّم تحقيق ذلك في محلّه، ولله والحمد والمنّة.
٨ - (ومنها): ما قاله عياض أيضًا: احتجّ به من قال بإبطال الحجة بإجماع أهل المدينة وعملهم على المالكيّة، قال: ولا حجة له في هذا؛ إذ لم يثبت أن هذا كان شائعًا بالمدينة، وغير منكَر بها، وإنما تناوله معاوية - رضي الله عنه - من يد حَرَسيّ وجدها على امرأة، ولم تَسْلَم المدينة، ولا غيرها في وقت من مذنب، ولا مرتكب للمعاصي بمشيئة الله تعالى في زمن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وبعده،