للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أعدل الأقوال، وأيسرها في الجمع بين أحاديث الباب (١)، والله تعالى أعلم بالصواب.

(المسألة الخامسة): في بيان حكم الصورة الشمسيّة:

قد اختَلَف العلماء المعاصرون في هذه المسألة، فمنهم من ألّف رسالة في إباحتها (٢)، ذهب فيها إلى أن الصورة الفوتوغرافيا الذي هو عبارة عن حبس الظلّ بالوسائط المعلومة لأرباب هذه الصناعة ليس من التصوير المنهيّ عنه؛ لأن التصوير المنهيّ عنه هو إيجاد صورة وصُنع صورة لم تكن موجودة، ولا مصنوعة من قبل، يضاهي بها حيوانًا خلقه الله تعالى، وليس هذا المعنى موجودًا في أخذ الصورة بتلك الالة.

وذهب آخرون - وهو الذي يظهر لي - إلى أن حكم الصورة الشمسيّة حكم الصورة المرسومة، قال الشيخ مصطفى الحمامي في كتابه "النهضة الإصلاحيّة" (٣): وإني أحبّ أن تجزم الجزم كلّه أن التصوير بآلة التصوير (الفوتوغرافيّة) كالتصوير باليد تمامًا، فيحرم على المؤمن تسليطها للتصوير، ويحرم عليه تمكين مسلّطها لالتقاط صورته بها؛ لأن هذا التمكين يُعين على فعل محرّم غليظ، وليس من الصواب في شيء ما ذهب إليه أحد علماء عصرنا هذا من استباحة التصوير بتلك الآلة بحجّة أن التصوير لم يكن باليد، والتصوير بهذه الآلة لا دخل لليد فيه، فلا يكون حرامًا، وهذا عندي أشبه بمن يرسل أسدًا مفترسًا، فيقتل من يقتل، أو يفتح تيّارًا كهربائيًّا يُعدم كلّ من مرّ به، أو يضع سمًّا في طعام فيهلك كلّ من تناول من ذلك الطعام، فإذا وُجّه إليه لوم بالقتل قال: أنا لم أقتل، إنما قتل السمّ، والكهرباء، والأسد. انتهى.


(١) قال الجامع عفا الله عنه: قد أطنبت الكلام في البحث عن مسألة الصور في "شرح النسائيّ"، فذكرته في ثلاثة مواضع: في "الطهارة"، وفي "الصيد"، وفي "الزينة"، وذلك لأهميّته، وكثرة ابتلاء الناس به، والله تعالى المستعان.
(٢) هو: الشيخ محمد بخيت المصريّ، سمَّى رسالته "الجواب الشافي في إباحة التصوير الفوتوغرافي".
(٣) "النهضة الإصلاحيّة" ص ٢٦٤ و ٥٦٥.