أجرّه خيلاء؛ لأن النهي قد تناوله لفظًا، ولا يجوز لمن تناوله اللفظ حُكمًا، أن يقول: لا أمتثله؛ لأن تلك العلة ليست فيّ؛ فإنها دعوى غير مسلَّمة، بل إطالته ذيله دالة على تكبره. انتهى ملخصًا.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله ابن العربيّ رحمه الله هو عين التحقيق، الذي لا يستقيم غيره مع هذه النصوص الظاهرة في التحريم، وحاصله أن الإسبال يستلزم جرّ الثوب، وجرّ الثوب يستلزم الخيلاء، ولو لم يقصد اللابس الخيلاء، فيحرم عليه؛ كما دلّت على ذلك ظواهر النصوص الواردة في النهي عن الإسبال، إلا ما كان كحال أبي بكر - رضي الله عنه -؛ لنحافة جسمه، ونحوه.
ويؤيده ما أخرجه أحمد بن منيع، من وجه آخر، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - في أثناء حديث رفعه:"وإياك وجرَّ الإزار، فإن جرَّ الإزار من المخيلة"، وأخرج الطبراني من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -: "بينما نحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ لحقنا عمرو بن زُرارة الأنصاريّ، في حلة إزار ورداء، قد أسبل، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأخذ بناحية ثوبه، ويتواضع لله، ويقول: عبدك وابن عبدك وأمتك، حتى سمعها عمرو، فقال: يا رسول الله، إني حَمْشُ الساقين، فقال: يا عمرو، إن الله قد أحسن كل شيء خلقه، يا عمرو، إن الله لا يحب المسبل. . ." الحديث، وأخرجه أحمد من حديث عمرو نفسه، لكن قال في روايته، عن عمرو بن فلان، وأخرجه الطبراني أيضًا، فقال: عن عمرو بن زرارة، وفيه:"وضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأربع أصابع تحت ركبة عمرو، فقال: يا عمرو هذا موضع الإزار، ثم ضرب بأربع أصابع، تحت الأربع، فقال: يا عمرو هذا موضع الإزار. . ." الحديث، ورجاله ثقات، وظاهره أن عمرًا المذكور، لم يقصد بإسباله الخيلاء، وقد منعه من ذلك؛ لكونه مظنة.
وأخرج الطبراني، من حديث الشَّرِيد الثقفيّ، قال: أبصرَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رجلًا قد أسبل إزاره، فقال:"ارفع إزارك"، فقال: إني أحنف تَصطكّ ركبتاي، فقال:"ارفع إزارك، فكلُّ خَلْق الله حسن"، أخرجه مسدّد، وأبو بكر بن أبي شيبة، من طُرُق عن رجل من ثقيف، لم يُسمَّ، وفي آخره:"ذاك أقبح مما بساقك".
وأما ما أخرجه ابن أبي شيبة، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - بسند جيد أنه كان