للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أو لمصلحة يراها، ولا يساوي ذلك قول القائل: إذا فعلت كذا، أو قلت كذا، فذلك يدلك في المستقبل على أمر من الأمور، فلا يجوز أن يجعل خروج القداح عَلَمًا على شيء يتجدد في المستقبل، ويجوز أن يُجعَل خروج القرعة عَلَمًا على العتق؛ قطعًا، فظهر افتراق البابين.

[تنبيه]: وليس من هذا الباب طلب الفَأْل، وكان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعجبه أن يسمع يا راشد، يا نجيح، أخرجه الترمذيّ، وقال: حديث صحيح غريب، وإنما كان يعجبه الفأل لأنه تنشرح له النفس، وتستبشر بقضاء الحاجة، وبلوغ الأمل، فيحسن الظنّ بالله - عَزَّ وَجَلَّ -، وقد قال: "أنا عند ظن عبدي بي"، وكان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَكرَه الطيرة؛ لأنَّها من أعمال أهل الشرك، ولأنها تجلب ظن السوء بالله - عَزَّ وَجَلَّ -، قال الخطابيّ: الفرق بين الفأل والطيرة: أن الفأل إنما هو من طريق حسن الظن بالله، والطيرة إنما هي من طريق الاتكال على شيء سواه. وقال الأصمعيّ: سألت ابن عون عن الفأل؟ فقال: هو أن يكون مريضًا، فيسمع: يا سالم، أو يكون باغيًا، فيسمع: يا واجد، وهذا معنى حديث الترمذيّ، وفي "صحيح مسلم"، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "لا طيرة، وخيرها الفأل"، قيل: يا رسول الله، وما الفأل؟ قال: "الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم".

{رِجْسٌ} قال ابن عباس - رضي الله عنهما - في هذه الآية: "رجس": سخط، وقد يقال للنَّتْن والعَذِرة والأقذار: رجس، والرجز بالزاي: العذاب لا غير، والركس: العذرة لا غير، والرجس يقال للأمرين، ذكره القرطبيّ.

{مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}؛ أي: بحمله عليه، وتزيينه، وقيل: هو الذي كان عمل مبادئ هذه الأمور بنفسه، حتى اقتُدي به فيها. {فَاجْتَنِبُوهُ} قال النسفيّ: الضمير يرجع إلى الرجس، أو إلى عمل الشيطان، أو إلى المذكور، أو إلى المضاف المحذوف، كأنه قيل: إما تعاطي الخمر، والميسر، ولذا قال: {رِجْسٌ}.

وقال القرطبيّ: قوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوهُ} يريد: أَبْعِدوه، واجعلوه ناحيةً، فأَمَر الله تعالى باجتناب هذه الأمور، واقترنت بصيغة الأمر، مع نصوص الأحاديث، وإجماع الأمة، فحصل الاجتناب في جهة التحريم، فبهذا حرمت