الرزق، وما يريدون، كما يقال: الاستسقاء في الاستدعاء للسقي، ونظير هذا الذي حرّمه الله تعالى قول المنجّم: لا تخرج من أجل نجم كذا، واخرج من أجل نجم كذا، وقال - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} الآية [لقمان: ٣٤].
[والنوع الثاني]: سبعة قِداح، كانت عند هُبَل في جوف الكعبة، مكتوب عليها ما يدور بين الناس من النوازل، كلّ قدح منها فيه العقل، من أمر الديات، وفي آخر "منكم"، وفي آخر "من غيركم"، وفي آخر "مُلصَق"، وفي سائرها أحكام المياه، وغير ذلك، وهي التي ضرب بها عبد المطلب علي بنيه؛ إذ كان نذر نحر أحدهم، إذا كملوا عشرة، الخبر المشهور، ذكره ابن إسحاق، وهذه السبعة أيضًا كانت عند كلّ كاهن، من كُهّان العرب، وحكامهم، على نحو ما كانت في الكعبة عند هُبَل.
[والنوع الثالث]: هو قداح الميسر، وهي عشرة: سبعة منها فيها حُظُوظ، وثلاثة أغفال، وكانوا يضربون بها مُقامرة لهوًا ولعبًا، وكان عقلاؤهم يقصدون بها إطعام المساكين، الْمُعدِم في زمن الشتاء، وكَلَب البرد، وتعذّر التحرف. وقال مجاهد: الأزلام هي كعاب فارس والروم، التي يتقامرون بها. وقال سفيان، ووكيع: هي الشطرنج، فالاستقسام بهذا كله هو طلب القَسْمِ والنصيب، كما بيّنا، وهو من أكَلْ المال بالباطل، وهو حرام، وكل مقامرة بحَمَام، أو بنرد، أو شطرنج، أو بغير ذلك من هذه الألعاب، فهو استقسام بما هو في معنى الأزلام، حرام كله، وهو ضرب من التكهن، والتعرض لدعوى علم الغيب. قال ابن خويز منداد: ولهذا نهى أصحابنا عن الأمور التي يفعلها المنجمون على الطرقات، من السهام التي معهم، ورقاع الفأل في أشباه ذلك. وقال إِلْكِيا الطبري: وإنما نهى الله عنها فيما يتعلق بأمور الغيب، فإنه لا تدري نفس ماذا يصيبها غدًا، فليس للأزلام في تعريف المغيبات أثر، فاستنبط بعض الجاهلين من هذا الرد على الشافعيّ، في الإقراع بين المماليك في العتق، ولم يعلم هذا الجاهل أن الذي قاله الشافعيّ بُنِي على الأخبار الصحيحة، وليس مما يُعترض عليه بالنهي عن الاستقسام بالأزلام، فإن العتق حكم شرعيّ، يجوز أن يَجعَل الشرع خروج القرعة عَلَمًا على إثبات حُكم العتق، قطعًا للخصومة،